الْمجْلس مَتى الفيلسوف النَّصْرَانِي، فَقَالَ الْوَزير: أُرِيد أَن ينتدب مِنْكُم إِنْسَان لمناظرة مَتى فِي قَوْله: إِنَّه لَا سَبِيل إِلَى معرفَة الْحق من الْبَاطِل، وَالْحجّة من الشُّبْهَة، وَالشَّكّ من الْيَقِين؛ إِلَّا بِمَا حويناه من الْمنطق، واستفدناه من وَاضعه على مراتبه، فَانْتدبَ لَهُ أَبُو سعيد السيرافي وَكَانَ فَاضلا فِي عُلُوم غير النَّحْو، فَكَلمهُ فِي ذَلِك حَتَّى أَفْحَمَهُ وفضحه، وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع التَّطْوِيل بِذكرِهِ، وَغير خَافَ اسْتغْنَاء الْعلمَاء والعقلاء - قبل وَاضع الْمنطق أرسطاطاليس وَبعده - ومعارفهم الجمة عَن تعلم الْمنطق، وَإِنَّمَا الْمنطق عِنْدهم - بزعمهم - آلَة صناعية تعصم الذِّهْن من الْخَطَأ، وكل ذِي ذهن صَحِيح منطقي بالطبع، فَكيف غفل الْغَزالِيّ عَن حَال شَيْخه إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَمن قبله من كل إِمَام هُوَ لَهُ مقدم، ولمحله فِي تَحْقِيق الْحَقَائِق رَافع لَهُ ومعظم، ثمَّ لم يرفع أحد مِنْهُم بالْمَنْطق رَأْسا، وَلَا بنى عَلَيْهِ فِي شَيْء من تَصَرُّفَاته أسا، وَلَقَد أَتَى بخلطه الْمنطق بأصول الْفِقْه بِدعَة عظم شؤمها على المتفقهة حَتَّى كثر - بعد ذَلِك - فيهم المتفلسفة، وَالله الْمُسْتَعَان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute