للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَحمل إِلَيّ بعض الْأَصْحَاب حِين هَذَا الْإِمْلَاء الْجُزْء الأول فَوَجَدته يذكر فِيهِ أَن من مَاتَ بعد بُلُوغه، وَلم يعلم أَن الْبَارِي تَعَالَى قديم؛ مَاتَ مُسلما إِجْمَاعًا، وَمن تساهل فِي حِكَايَة الْإِجْمَاع فِي مثل هَذَا، الَّذِي الْأَقْرَب أَن يكون فِيهِ الْإِجْمَاع بعكس مَا قَالَ؛ فحقيق أَن لَا يوثق بِكُل مَا نقل، وَأَن يظنّ بِهِ التساهل فِي رِوَايَة مَا لم يثبت عِنْده صِحَّته، ثمَّ تكلم الْمَازرِيّ فِي محَاسِن " الْإِحْيَاء " ومذامه، ومنافعه ومضاره بِكَلَام طَوِيل خَتمه بِأَن من لم يكن عِنْده من البسطة فِي الْعلم مَا يعتصم بِهِ من غوائل هَذَا الْكتاب؛ فَإِن قِرَاءَته لَا تجوز لَهُ، وَإِن كَانَ فِيهِ مَا ينْتَفع بِهِ، وَمن كَانَ عِنْده من الْعلم مَا يَأْمَن بِهِ على نَفسه من غوائل هَذَا الْكتاب، وَيعلم مَا فِيهِ من الرموز، فيجتنب مُقْتَضى ظواهرها، ويكل أَمر مؤلفها إِلَى الله تَعَالَى إِن كَانَت كلهَا تقبل التَّأْوِيل فقراءته لَهَا سَائِغَة، وَينْتَفع بِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون قارئه مِمَّن يقْتَدى بِهِ ويغتر بِهِ فَإِنَّهُ ينْهَى عَن قِرَاءَته وَعَن مدحه وَالثنَاء عَلَيْهِ.

قَالَ: وَلَوْلَا أَنا علمنَا أَن إملاءنا هَذَا إِنَّمَا يَقْرَؤُهُ الْخَاصَّة، وَمن عِنْده علم يَأْمَن بِهِ على نَفسه؛ لم نتبع محَاسِن هَذَا الْكتاب بالثناء، وَلم نتعرض لذكرها، وَلَكنَّا نَحن أمنا من التَّغْرِير، وَلِئَلَّا يظنّ أَيْضا من يتعصب للرجل أَنا جانبنا الْإِنْصَاف فِي الْكَلَام على كِتَابه، وَيكون اعْتِقَاده هَذَا فِينَا سَببا لِأَن لَا يقبل نصيحتنا، وَالله أعلم. هَذَا آخر مَا نَقَلْنَاهُ عَن الْمَازرِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>