الْملك صَادف فِي سفر رَاجِلا فِي زِيّ الْعلمَاء قد مَسّه الكلال؛ فَقَالَ لَهُ: أَيهَا الشَّيْخ، عييت أم أعييت؟ فَقَالَ: أعييت يَا مَوْلَانَا، فَتقدم إِلَى حَاجته بِتَقْدِيم بعض الجنائب إِلَيْهِ، الْإِصْلَاح من شَأْنه، وَأخذ فِي اصطناعه.
وَإِنَّمَا أَرَادَ بسؤاله اختباره، فَإِن عيي: فِي اللِّسَان، وأعيى: كل وتعب.
وَقَالَ الْحسن بن الْحُسَيْن الأندقي، يَحْكِي عَن عبد الله الساوجي أَن نظام الْملك اسْتَأْذن السُّلْطَان ملكشاه فِي الْحَج فَأذن لَهُ، وَهُوَ إِذْ ذَاك بِبَغْدَاد، فَعبر دجلة، وعبروا بالآلات والأقمشة، وَضربت الْخيام على شط دجلة.
قَالَ: فَأَرَدْت يَوْمًا أَن أَدخل عَلَيْهِ، فَرَأَيْت بِبَاب الْخَيْمَة فَقِيرا تلوح على جَبينه سِيمَا الْقَوْم، فَقَالَ لي: يَا شيخ، أَمَانَة توصلها إِلَى الصاحب قلت: نعم، فَأَعْطَانِي رقْعَة مطوية، فَدخلت بهَا، وَلم أنظر فِيهَا حفظا للأمانة، ووضعتها بَين يَدي الْوَزير، فَنظر فِيهَا، فَبكى بكاء كثيرا حَتَّى نَدِمت، وَقلت فِي نَفسِي: لَيْتَني نظرت فِيهَا، فَإِن كَانَ فِيهَا شَيْء يسوؤه لم أدفعها إِلَيْهِ، ثمَّ قَالَ لي: يَا شيخ، أَدخل عَليّ صَاحب الرقعة، فَخرجت، فَلم أَجِدهُ، وطلبته، فَلم أظفر بِهِ، فَأخْبرت الْوَزير بذلك، فَدفع إِلَيّ الرقعة، فَإِذا فِيهَا: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام، وَقَالَ لي: اذْهَبْ إِلَى الْحسن، وَقل لَهُ: أَيْن تذْهب إِلَى مَكَّة؟ ! حجك هَا هُنَا، أما قلت لَك: أقِم بَين يَدي هَذَا التركي، وأغث أَصْحَاب الْحَوَائِج من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute