صنف تصانيف فِي التَّفْسِير وَالْكَلَام، وَكَانَت مَعْرفَته فَوق لِسَانه، وَمَعْنَاهُ أَكثر من ظَاهره، وَكَانَ ذَا قدم فِي التصوف والطريقة، ذَا نظر دَقِيق فِي بَاب الْمُعَامَلَة، عَفا فِي مطعمه، يكْتَسب بالوراقة، وَلَا يخالط أحدا وَلَا يباسطه فِي سَبَب دُنْيَوِيّ، وأقعد فِي خزانَة الْكتب بنظامية ينسابور اعْتِمَادًا على ديانته، وأصابه فِي آخر عمره ضعف فِي بَصَره، ويسير وقر فِي أُذُنه.
سمع الحَدِيث بنيسابور وبالشام وبمكة.
سمع الشَّيْخ أَبَا سعيد ابْن أبي الْخَيْر، وَأَبا صَالح الْمُؤَذّن، والأستاذ أَبَا الْقَاسِم الْقشيرِي. أَكثر تصانيفه كتبهَا بِخَطِّهِ.
قَالَ أَو نصر عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الخطيبي: سَمِعت مَحْمُود ابْن أبي تَوْبَة الْوَزير يَقُول: مضيت إِلَى بَاب بَيت أبي الْقَاسِم الْأنْصَارِيّ فَإِذا الْبَاب مَرْدُود وَهُوَ يتحدث مَعَ وَاحِد، فوقفت سَاعَة، وَفتحت الْبَاب؛ فَمَا كَانَ فِي الدَّار أحد غَيره، فَقلت: مَعَ من كنت تَتَحَدَّث؟ فَقَالَ: كَانَ هُنَا وَاحِد من الْجِنّ كنت ُأكَلِّمهُ.
قلت: عِنْدِي من حَدِيثه فِي مَوَاضِع، مِنْهَا فِي " منتخب الْأَرْبَعين " للأكافي، وَالله أعلم.
توفّي - فِيمَا قَالَه عبد الغافر - فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخمْس مئة، أَو سنة إِحْدَى عشرَة فِيمَا قَالَه أَبُو الْفَتْح نَاصِر ابْنه.