وَقرن بِأَن الْإِيلَاء يَمِين على الِامْتِنَاع من وَطْء الزَّوْجَة خَاصَّة، فَإِن يَمِينه على الِامْتِنَاع من وَطْء الْأَجْنَبِيَّة لَا يثبت لَهُ أَحْكَام الْإِيلَاء، وَكَذَلِكَ الظِّهَار يخْتَص بِالزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ تَحْرِيم، والأجنبية مُحرمَة من غير ظِهَار، وَالْمحرم لَا يحرم، فَيَنْبَغِي أَن يسوى بَينهمَا، وَيُقَال: إِن قصد بِالطَّلَاق أَو الْإِيلَاء أَو الظِّهَار مَعْنَاهُ فِي النِّكَاح كَانَ اخْتِيَارا فِي الْجَمِيع، وَإِن لم يقْصد بهَا ذَلِك لم يكن اخْتِيَارا فِي الْجَمِيع، وَهَذَا لِأَن الطَّلَاق قد يسْتَعْمل فِي غير قيد النِّكَاح.
قلت: لَا اخْتِصَاص لهَذَا الِاسْتِدْرَاك بِالْإِمَامِ أبي الْمَعَالِي، بل هُوَ مُسْتَدْرك على " الْمُهَذّب "، فَإِن الْفرق هُوَ الْمَنْقُول أَيْضا فِي " الْمُهَذّب " وَغَيره، وَهُوَ اسْتِدْرَاك مضمحل، لِأَن نفس الْإِيلَاء لَا يخْتَص بالمنكوحة لَا وضعا وَلَا عرفا، لِأَنَّهُ قَول الْقَائِل: وَالله لَا أطؤك. وَلَا اخْتِصَاص لهَذَا بالمنكوحة فِي وَضعه، وَلَا عرف غَيره عَن أَصله وَأسْقط الْأَحْكَام. والأجنبية لَا تبقى على انْتِفَاء الْإِيلَاء، لِأَنَّهَا لَيست أَحْكَام نفس الْإِيلَاء، بل أَحْكَام الْإِيلَاء فِي النِّكَاح، فانتفاؤها لانْتِفَاء هَذَا الْخُصُوص لَا انْتِفَاء نَفسه.
وَكَذَا قَوْله: أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي يَنْتَظِم وضعا وَعرفا مُخَاطبَة الْأَجْنَبِيَّة بِهِ، وَقَوله: إِنَّه تَحْرِيم، والأجنبية مُحرمَة؛ لَيْسَ بإنصاف، لِأَنَّهُ مُبَالغَة فِي التَّحْرِيم زَائِدَة على تَحْرِيم الْأَجْنَبِيَّة الْحَاصِل، وَلَيْسَ كَذَلِك الطَّلَاق، فَإِنَّهُ عرفا مَخْصُوص بِإِزَالَة قيد النِّكَاح، وَإِن كَانَ يسْتَعْمل فِي غَيره، وَلَكِن على خلاف الظَّاهِر وَالْعرْف، وَالله أعلم.
وَقَالَ فِي قَوْله: يثبت للسُّلْطَان حق الْإِجْبَار فِي الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة، لَا يَصح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute