وَمَا جرى لَهُ فِي أَحْوَاله، معنياً بحكايتها فِي مجالسة ومحاوراته، حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم، تلاد لَهُ، يتلوه رَاكِبًا وماشياً وَقَاعِدا، صَار فِي آخر عمره سيد عشيرته، وَحج مثنياً - أَي: مرّة ثَانِيَة - بعد الثَّمَانِينَ وَأَرْبع مئة.
وَحدث بِبَغْدَاد، وبالحجاز، وَكتب عَنهُ جمَاعَة من الْمَشَايِخ والحفاظ، ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور، وَبَقِي مُنْفَردا عَن أقرانه، مشتغلاً بِالْعبَادَة لَا يفتر عَنْهَا سَاعَة إِلَى أَن توفّي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مئة، وَدفن فِي مدرستهم عِنْد أَبَوَيْهِ، وأخيه، وجده أبي عَليّ، وَولد سنة ثَمَانِي عشرَة وَأَرْبع مئة.
وَحكى أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ، عَن أَبِيه أبي بكر أَنه قَالَ فِيهِ: شيخ نيسابور علما، وزهداً، وورعاً، وصيانة، لَا بل شيخ خُرَاسَان، وَهُوَ فَاضل ملْء ثَوْبه، وورع ملْء قلبه، لم أر فِي مشايخي أورع مِنْهُ وَأَشد اجْتِهَادًا.
قَالَ عبد الغافر: كَانَ لَهُ مجْلِس إملاء عشيات الْجمع بِالْمَدْرَسَةِ النظامية النيسابورية، يتَوَلَّى بِنَفسِهِ التَّخْرِيج، وَيتَكَلَّم على الْمُتُون، مستخرجاً للخفايا والمشكلات، مستنبطاً للمعاني والإشارات، وَلم يكن يَخُوض فِي مَجْلِسه - وَأَبوهُ يعِيش - فِي الطَّرِيقَة ودقائقها احتراماً لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute