للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعضهم لا يزال في شكِّه وقلقه واضطرابه وإن تقلَّب في رياضٍ آمنةٍ، واجتمعت له أسباب الطمأنينة والسكينة والسعادة، وهذا حال أكثر النَّاس، كما قال ربُّنا سبحانه: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: ٢٤٣]؛ وما أشبه حال كثيرٍ من اللاجئين إلى البلاد الغربيِّة بهذا، فإنَّ كثيرًا منهم قد خرجوا من ديارهم حَذَرَ الفقر والمرض والظلم والاضطهاد والموت، فبلَّغهم الله تعالى مأْمَنَهم، وأحياهم خير حياةٍ في المأكل والملبس والمسكن، ومع ذلك تجد أكثرهم متذمِّرين ساخطين، قلقين مضطربين؛ لأنَّهم قومٌ لا يشكرون!

والمقصود بالمستأمَن: «من يدخل دار غيره بأمانٍ؛ مسلمًا كان أو حربيًّا» (١)، وهو في بحثنا هذا: المسلمُ الذي يدخل دار غير المسلمين بأمانٍ.

مصطلحات ذات صلة بموضوع البحث:

الجِوَارُ: مِنْ أجارَ الرجلَ إجارةً: خَفَرَهُ. واستجاره: سأله أن يجيره. وفي التنزيل العزيز: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} [التوبة: ٦]، قال الزَّجَّاجُ (٢): المعنى: إنْ طلب منك أحدٌ من أهل الحرب أن تُجيره من القتل إلى أن يسمع كلام الله؛ فأجره، أي: أَمِّنه، وعرِّفه ما يجب عليه أن يعرفه من أمر الله تعالى الذي يتبيَّن به الإسلامُ، ثم أبْلِغْهُ مأمنه، لئلا يُصابَ بسوءٍ قبلَ انتهائه إلى مأمنه. ويقال للذي يستجير بك: جارٌ. وللذي يُجير:


(١) انظر: «رد المحتار على الدر المختار» (٤/ ١٦٦).
(٢) أبو إسحاق إبراهيم بن السَّري بن سهل الزَّجَّاج (ت: ٣١١/ ٩٢٣): عالم بالنحو واللغة، ولد ومات في بغداد. من كتبه: «معاني القرآن». مترجم في: «سير أعلام النبلاء» (١٤/ ٣٦٠:٢٠٩).

<<  <   >  >>