للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا تقرَّرَ هذا؛ فالواجب على المسلم إِنْ سرقَ مال الكافر الذي استأمنه؛ أن يردَّه إلى صاحبه، ولا يجوزُ له التصرفُ والانتفاعُ به:

قال العلامةُ أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ رحمه الله (١): «إنْ دخل مسلمٌ دار الحرب بأمانٍ، فسرق منهم مالاً، أو اقترض منهم مالاً، وعاد إلى دار الإسلام، ثم جاء صاحب المال إلى دار الإسلام بأمانٍ؛ وجب على المسلم ردُّ ما سرق، أو اقترض، لأنَّ الأمان يوجب ضمان المال في الجانبَيْن، فوجب ردُّه». (٢)

قال السرخسيُّ رحمه الله: «فإنْ غلب العدوُّ على مال المسلمين فأَحْرزُوه (٣)، وهناك مسلمٌ تاجرٌ مستأمَنٌ؛ حلَّ له أنْ يشتريه منهم، فيأكل الطعام من ذلك، ويطَأَ الجاريةَ، لأنَّهم ملكوها بالإحراز؛ فالتحقتْ بسائر أملاكهم، وهذا بخلاف ما لو دخل إليهم تاجرٌ بأمانٍ فسرق منهم جاريةً وأخرجها؛ لم يحلَّ للمسلم أن يشتريها منه، لأنَّه أحرزَها على سبيل الغدر، وهو مأمورٌ بردِّها عليهم


(١) أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي ثم البغدادي (ت: ٤٧٦/ ١٠٨٣): من أئمة الشافعية، كان مرجع الطلاب ومفتي الأمة في عصره، واشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة. وله تصانيف كثيرة، منها: «التنبيه» و «المهذَّب» في الفقه، و «طبقات الفقهاء»، و «اللمع» في أصول الفقه. مترجم في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٤٥٢:٢٣٧).
(٢) «المهذَّب» (٢/ ٢٦٤).
(٣) أحرزوه: جعلوه في حِرزهم، أي: ضموه إلى أموالهم، وحفظوه معها.

<<  <   >  >>