للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولولا أن نعلم ان الروس لا تنقاد بانفراده لعمل السيوف منه ولا تقاوم الضؤب لظننا من سيف أبي الأبيض العبسي القائل -

ومالي غير درع ومغفر ... وأبيض من ماء الحديد صقيل

أو سيف القائل الآخر -

وتري مضارب شفرتيه كأنها ... ملح تناثر من وراء الدارع

انه مطبوع من الدوص وقيل في بعض الكتب - ان الصواعق إذا حدثت ارتفع ما تخلص منها وما احترق من الجوّ من الأجزاء القطومة وقع إلي الأرض وذكر أبو جعفر الخازن حاكيا - ان صاعقة وقعت علي صخرة في دار أحد معارفه ككرة نار تدحرجت علي الأرض وغابت في البالوعة وتدحرجها علي الأرض من قضايا الثقل - وقد قيل في الصاعقة انه الطف من الهواء ومن الذي عندنا من ضرام النار فدليل عوضها فيما تخلل من غير اضرار بها وإذابتها ماء إستصحف مما يقبل الذوب فليس الا الريح التي مع الرعود والبروق والصواعق وهي سببها تحمل الفلوات من مواضع أخر إما من ظهر الأرض وأما مرمية بالمردغات من بطنها - يشهد له الحديد الواقع منذ سنين بالجوزجان اذ كان أنجرا بحريا علي ما شهد أحد المحصلين فيه من مشابهة بعد تغير شكله بما غشيه من الإحماء في قوة الرمي ولم يكن جوهره بجيد اذ ليس يختار الأتاجر من أجود الحديد فان الغرض فيه الثقل فقط - وكذلك الذي امطرت قرية طاعون من قري بوشنج في يوم سمأوة مصحية من الفلوات المشابهة للصفر الرديء مجدرة كخبث الحديد حامية كان الماء ينش منها إذا وقعت فيه وهي من إلى مناوين - وفي الحديد بعد الدوص توبال وهي قشوره التي ترتمي منه بالطرق وخبثه وصدأه المسمي لحمرته زعفرانا منسوبا إليه ووزنه بالقياس إلي قطب الذهب أحد واربعون وثلث - ويزعم الكيميايون انهم يلينون الحديد بالزرنيخ حتى ينذاب في سرعة ذوبان الرصاص وانه إذا صار كذلك صلب الرصاص وذهب بصريره - الا انه ينقص من بياضه فهذه احوال الحديد المفرد - واما المركب من النرماهن ومن مائه وهو الذي يسبقه إلي السيلان عند التخليص فهو الفولاذ وبلد هراة مخصوص به وتسمي بيضات من جهة الشكل وانها طويلة مستديرة الأسافل علي هيئة بواطقها ومنها تطبع السيوف الهندية وغيرها - وحال الفولاذ في تركيبه علي قسمين إما ان يذاب ما في البوطقة من النرماهن ومائه ذوبا سواء يتحدان به فلا يستبين أحدهما من الآخر ويستصلح للمبارد وأمثالها - واما ان يخلف ذوب ما في البوطقة فلا يكمل الامتزاج بينهما بل يتجأوز اجزاؤهما فيري كل جزء من لونيهما علي حدة عيانا ويسمي فرندا ويتنافسون في النصول التي جمعته والخضرة ويديمون صفتها - وقال امرؤ القيس -

متوسدا عضبا مضاربه ... في متنه كدبة النمل

وقال ابن المعتز

تري فوق متنيه الفرند كأنه ... بقية غيم رق دون سماء

وقال ايضا

وسط الخميس بكفه ذكر ... عضب كأن بمتنه نمشا

صافي الحديد كأن صيقله ... كتب الفرند عليه اذ نقشا

وقال أبو الهول الحميري

وكأن الفرند والجوهر الجا ... ري علي صفحتىه ماء معين

<<  <   >  >>