يجيش من بين تراقيه دمه ... كمرجل الصباغ جاش بَقَّمُه
فالبقم والعندب يشتركان في تشبيه الدم بهما - ورق ابقم كورق السذاب ويباع بخيبر المعروف بصفير وزنا كل وزن تل وكل تل مائة قاطية وكل قاطية منا وربع وسعره هناك كل تل بطينة ستة عشر ماشجة والماشجة أربع دوانيق ذهب وصرف ذهبهم على نصف دينار النيسابورى - وحمل قوم العندم على الأيدع وهو عروق السدر - وقال أبو حنيفة مخبرا عن بعض ولم اسمعه من غيره - وقال في ديوان كتاب الأدب؛ ان العندم هو دم الأخوين ويسمى بالفارسية خون سيازشان لاعتقادهم فيه انه ينبت من دم سياوش بن كيكاؤس المفسوح على الارض - وقريب منه تسمية الهند اياهما باندورت يعنون دم باندو وهم قوم جرى بينهم وبين اعمامهم الملقبين بكورو حروب مشهورة اجلت عن تفاني الفريقين في القتال - قال العجاج
فادرع القوم سرابيل الدم ... على النحور كرشاش العندم
وقال ايضا
من أسد خفان يخال العندما ... منه بلبات وخطم أسحما
ومثله كثير واذا لم يكن يخلو من شعر عربي عن ذكر العندم وتشبيه الدم به والشراب وأمثالهما ثم اختلفوا في ماهية هذا الاختلاف المبين عن الجهل به - لم يستنكر خفاء اسم المجسطى على أهل التنجيم وهو كتاب لهم أليه الإسناد وعليه الاعتماد وليس على غايته ازدياد ثم لا يعرفون معنى اسمه وبأية لغة هو فليس بيونانى - قال ابن دريد في الأرجوان؛ انه فارسي معرب وهو اشد الحمرة ويقال له القرمز وانه إذا بولغ في نعت حمرة الثوب قيل ثوب ارجواني وثوب بهرماني أما التعريب فانه بالفارسية كل أرغَوان - وترى هذه الزهرة على شجرة لا تنشق جدا وهي صغار مشبعة بالحمرة الضاربة الى الخمرية عديمة الرائحة نزهة في المنظر - وسواء أن كان عربيا او معربا فانه مستعمل بين العرب - وقال عمرو بن كلثوم
كأن ثيابنا منا ومنهم ... خضبن بأرجوان او طلينا
والأرجوان لباس قياصرة الروم وكان لبسه فيما مضى محظورا على السوقة وذكر انه دم حَلَزون عرفه اهل بلد صور من خطم كلب كان أكل هذا الحيوان في الساحل فتلون فوه بدمه - وذكر بان ينال الثنوى في جملة ما كتب عنه بحضرة الساسانية - أن لباس عظيم قتاي الأرجوان وهو له خاصة لا يلبسه غيره وقال جالينوس في دود القرمز انه إن اخذ من البحر وهو طرى برد وهذا يوهم ما حكى عن اهل صور - ولنرجع إلى ما كنا فيه مما أنحرمنا عنه إلا لإشباع التفهيم - ونقول - أن الكندى عدد العيوب الأصلية في الياقوت وهي النمش في سنخه ولا حيلة لإزالتهما إذا كثرت وفشت وغاصت وعمقت - وخلط الحجارة تسمى الحرمليات والحرمل هو الأبيض ويسمى بالفارسية كُنجَدَه - والرَيم وهو الوسخ فيه يشبه الطين - والثقب المانع عن الشفاف ونفوذ الضياء وهو كالصدع في الزجاجة والبلور إذا صودمت فانكسرت وتتميز حتى يخرج به منه الماء وهذا يكون طبيعيا في الأصل ويكون عارضا بعده - ومنها اختلاف الصبغ في الأجزاء حتى يكون في بعض أشبع وفي بعض اضعف فيصير بذلك أبلق - ومنها غمامة صدفية بيضاء متصلة به من جانب ويسمى الأسين فان لم يكن غائرا فيه ذهب به الحك والا فلا حيلة في الغائر - ثم يقول، إن المعدن من معدن وهو الإقامة فكأن المطلوب منه ما أقام فيه دهورا وأن مستنبطيه يقيمون على استخراجه فلا يسأمون من حفر الغيران عليه ومعدن اليواقيت هو جزيرة سرنديب في غب من بحر هر كند وفي الجبال التي تحاذيها على الساحل - وقد ذكروا في أحمرها - انه يحفر في معدنه عن رضراض فيوجد في خلالها مغلفا كالرمان في قشره وليس بذلك مستبعد فاللعل البدَ خشى يوجد كذلك في غلاف كالبلورى - وجميع المشفات في الأصل مياه مائعة قد تحجرت يد لك عليه اختلاط ما ليس من جنسها من نفاخة الهواء وقطرة ماء وورق الحشيش وقطع الخشب كما سنذكره في البلور - وكل سائل فانه في حال أنمياعه غير مستغن عن وعاء يمسكه ويمنعه عن الانتشار إلى ان يجمد ويمتنع عن السيلان ثم يبقى عليه وقاية له وهذا منها بالأمر الكلي معلوم - فإما كيفية جمودها وسببه وحصول الألوان المختلفة لها فلا مدخل للعقول القائسة الى معرفة ذلك أصلا وإنما هو مفوض إلى علم صائغها الله عز وجل