للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعمال الصالحة الذي عجَّل له في الدنيا، كما قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧] ويكون مأمورًا بلوم نفسه على ما فعلت من الذنوب التي وجد عاقبتها في الدنيا، كما قال الله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: ٢١] فالمؤمن إذا أصابه في الدنيا بلاء؛ رجع إلى نفسه باللوم، ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة، والاستغفار. روى الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "إن المؤمن إذا أصابه سقم، ثم عافاه الله منه؛ كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل من عمره. وإن المنافق إذا مرض، وعُوفي؛ كان كالبعير عقله أهله، وأطلقوه، لا يدري بما عقلوه، ولا بما أطلقوه" ١.

وإن كان المراد الثاني كان إخبارًا منه بأن الذي يجدون الخير في الآخرة يحمدون الله على ذلك، وأن من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه حين لا ينفعه اللوم، فيكون الكلام لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخير، كقوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". والمعنى: أن الكاذب عليه صلى الله عليه وسلم يبتوأ مقعده من النار. وفي هذا الباب آيات، وأحاديث كثيرة في هذا المعنى، وفيما ذكرناه كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد. والله أعلم.


١ رواه أبو داود رقم "٣٠٨٩"في الجنائز، وإسناده ضعيف.

<<  <   >  >>