للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧٧- "أَنْفِق؛ أُنْفِق عليك" ١. رواه أحمد، والشيخان عن أبي هريرة.

ش- قوله: "أنفق" الأولى بفتح الهمزة، وسكون النون، وكسرالفاء: أمر بالإنفاق، وقوله: "أنفق عليك" بضم الهمزة، وسكون النون: جواب الأمر؛ والإنفاق: إخراج المال من اليد، ومنه: نفق البيع؛ أي: خرج من يد البائع إلى المشتري، ونفقت الدابة: خرجت روحها، ونفق الزاد: فني، والإنفاق قد يكون في المال، وفي غيره. وقد يكون واجبًا، وتطوعًا، والكل مطلوب.

والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى أمر عبده أن ينفق في المصالح الخيرية، والمشاريع الحيوية، مما أنعم الله عليه، وجعله حاكمًا عليه، وتحت يده من نقدٍ، أو عرض تجارة، أو غير ذلك مما يحوزه الإنسان، ويملكه؛ لأن المال كله من الله سبحانه وتعالى، رزقه عبده ليصرفه في منافع المسلمين إذا زاد عن كفايته، وكفاية من يلزمه نفقته شرعًا أخذًا من أدلة أخرى معلومة مقيدة بذلك، ولا ريب أن الإنفاق على الأهل والأقارب غيراللازمة نفقتهم أولى، وأفضل من النفقة على غيرهم، والأفضل والأحرى صرف المال على الفقراء والمساكين المتمسكين بشعائر دينهم من صلاة، وصيام، وزكاة، وغير ذلك من فرائض الإسلام، وأركانه، وواجباته، ولأن تقديمهم بذلك لذلك أردعُ لغيرالمتمسِّكين، وأرغب لهم في التمسك لذلك، ويراعى في ذلك ما كان نفعه أعم، وفائدته أشمل، وثمرته أعظم، وقوله: "أنفق عليك" أي: أعوضه لك، وأعطيك خلفه، بل أكثرأضعافاً مضاعفة، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ:٣٩] ، ولم يقيده بمقدار. نسأل الله الهداية إلى الشرع الشريف، والعمل بأحكامه.

روي البخاري مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما، اللهم أعط منفقًا خلفًا! ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفًا! " ٢


١ رواه أحمد في المسند "٢٦٤/٢"،والبخاري رقم"٧٤٩٦" ومسلم رقم"٩٩٣"من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢ رواه البخاري رقم "١٤٤٢"في الزكاة ومسلم رقم "١٠١٠"في الزكاة من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>