عادةً بألفها الكبراء، والعظماء، والقواد، والرؤساء، والملوك، والوزراء، فأمسى الإنسان ولا يثق بشخص مطلقًا، وضاعت الذمم، والشخصيات، وأصبح الوفاء بالعهود والأيمان في احتضار، وقريباً سيُشيَّع.
اللهم ارحم عبادك، وأرشدهم إلى الأخلاق المرضية، وحببهم في الأعمال الصالحة، والأفعال المجيدة، وألهمهم الرأفة، والرحمة، والشفقة بإخوانهم؛ليأمَنوا شرهم!
واعلم أن سبب الحرب التي قامت الآن في شهر رجب سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وألف الهجرية نقض العهود الملتزمة، والعبث بالقوانين الوضعية الدولية، وغصب بلاد الضعفاء، والاستيلاء على أموالهم، واستعبادهم، والقضاء على استقلالهم، وما أخذ بلاد الحبشة وألبانيا وبولاندة ببعيد، فأسأل الله حسن العاقبة!
الثاني: رجل من عباده باع حرًا، وأكل ثمنه بأن اعتبده محررًا، إما أن يعتقه، ثم يكتم ذلك، أو يجحده، وإما أن يستخدمه كرهًا بعد العتق، وبيعه. قال ابن حزم: إن الحر كان يُباع في الدَّين حتى نزلت: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠] واستقر الإجماع على المنع، وخصَّ الأكل بالذكر؛ لأنه أعظم مقصود، هذا الزجر العظيم لمن استعبد رجلًا واحدًا فما بالك فيمن استعبد ممالك، وعبادًا، واغتصب حقوقهم واستولى على أموالهم وتجارتهم، وقضى على استقلالهم؟!
الثالث: رجل استأجر أجيرًا، وعاملًا بأجر مخصوص، وعمل كذلك، فاستوفى منه عمله، ولم يعطه أجره، وهذا يصدق بأن استخدمه، وأعطاه أقل مما يستحق، أو منعه أجره، ولم يعطه شيئًا منه، وهذا أيضًا من باب التعبد، والاستخدام بغير أجرة، ولأنه استوفى منفعته بغير عوض، فهو ظالم له، وقد ورد الترغيب بإعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. رواه ابن ماجه، والطبراني وغيرهما.
فإن قيل: هؤلاء كلهم ظلمة، والله سبحانه وتعالى خصم لجميع الظالمين، فما وجه التصريح بهذا الحديث؛ بأن الله خصْمٌ لهم؟ والجواب: والله عز، وجل وإن كان كذلك إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح لفظاعة أمر ذلك في هذه الأشياء، واستقباحه. والله أعلم.