للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باستثناء أو غاية. وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ١. ومنه قوله: {لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} قيل إنه نسخ بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ، وإنما هو مخصوص به".

وفيما أورده المكثرون ألوان ليست من النسخ ولا من التخصيص في شيء ولا لها بهما علاقة بوجه من الوجوه٢: وذلك مثل قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون} ٣، وكل آية فيها ذكر ما فضل عن الزكاة نسختها الآية المفروضة٤. ولكن المحققين من العلماء يرون أن آية الإنفاق خبر في معرض الثناء على المتقين، وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة، وبالإنفاق على الأهل، وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة، وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة٥.

ومن ذلك أن بعض عامة المفسرين ظنوا أن قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} ٦ مما نسخ بآية السيف -وكم نسخوا بآية السيف٧ هذه! - مع أن هذا الكلام لا يقبل النسخ والا التخصيص، فإن الله أحكم الحاكمين أبدًا٨.. ولا ريب أن في مرور فكرة النسخ ببال أولئك المفسرين إساءة أدب مع الله وإن حاولوا تلطيف عبارتهم المشعرة هنا بالنسخ حتى قال قائلهم: إن هذه الآية نسخ معناها لا لفظها، فقد نسخ منها المعنى بآية السيف، كأنه تعالى قال: دعهم وخل عنهم٩.


١ قارن بقول مكي: ذكر جماعة أن ما ورد من الخطاب مشعرا بالتوقيت والغاية محكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل، والمؤجل بأجل لا نسخ فيه. الإتقان ٢/ ٣٥.
٢ الإتقان ٢/ ٣٦.
٣ سورة البقرة ٣.
٤ الناسخ والمنسوخ "لابن سلامة" ٣٢-٣٣.
٥ الناسخ والمنسوخ "لابن سلامة" ٣٢٩-٣٣٠.
٦ سورة التين ٨.
٧ الإتقان ٢/ ٣٦.
٨ الناسخ والمنسوخ "لابن سلامة" ٣٢٠.
٩ قارن بالبرهان ٢/ ٤٢. وفي هذا إشارة إلى الآية ١٤من سورة الجاثية، وهي قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} نزلت في عمر بن الخطاب حين كلمه رجل من المشركين بمكة فهاجه وأثاره، فهم به عمر. قارن بالناسخ والمنسوخ "لابن سلامة" ٢٨٨.

<<  <   >  >>