للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقول مِن هذا: جاءني أَبَاهُ ومَرَرْتُ بأبَاهُ.

وإنْ جاءَتْ ذُوْ بمعنى الّذي فالأَعْرَفُ فيها البناءُ، كقول الشّاعِرِ:

وَإِمَّا كِرَامٌ مُوْسِرُونَ أَتَيْتُهُمْ ... فَحَسْبِيَ مِنْ ذُوْ عِنْدَهُمْ مَا كَفَانِيَا١

[١٧/أ]

وَقَدْ روى ابن جنِّي٢هذا البيت: "من ذي عِنْدَهُمْ"، يُشِيْرُ إلى إعرابه٣.


١ هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لمنظور بن سحيم الفَقْعَسيّ، وبعده:
وَإِمَّا كِرَامٌ مُعْسِرُونَ عَذَرْتُهُمْ ... وَإِمَّا لِئَامٌ فَادّخَرْتُ حَيَائِيَا
والمعنى: التّمدُّح بالقناعة، والكَفُّ عن أعراض النّاس؛ يقول: النّاس ثلاثة أنواع: موسِرون كرام فأكتفي منهم بمقدار كفايتي، ومعسرون كرام فأعذرهم، وموسرون لئام فأكفّ عن ذمّهم حياء.
والشّاهد فيه: (من ذو) فإنّها هُنا اسم موصول بمعنى (الّذي) ، مبنيّة على سكون الواو في محلّ جرٍّ بـ (مِن) .
وقد روي البيت بإعرابها (من ذي) حملاً على ذي بمعنى (صاحب) .
يُنظر هذا البيت في: ديوان الحماسة ١/٥٨٤، وشرح المفصّل ٣/١٤٨، والمقرّب ١/٥٩، وشرح الكافية الشّافية ١/٢٧٤، وابن النّاظم ٣٦، وأوضح المسالك ١/٣٠، والتّصريح ١/٦٣، والهمع ١/٢٨٩.
٢ هو: عثمان بن جِنِّي، أبو الفتح، النّحويّ، من أحذق العلماء بالنّحو والتّصريف؛ لزم أبا عليّ الفارسيّ، ولَمّا مات تصدّر ابن جِنّي مكانه ببغداد؛ ومن مصنّفاتة: الخصائص، وسرّ صناعة الإعراب، والمنصف في شرح تصريف المازنيّ، والمحتسب؛ توفّي سنة (٣٩٢هـ) .
يُنظر: نزهة الألبّاء ٢٤٤، وإنباه الرّواة ٢/٣٣٥، وإشارة التّعيين ٢٠٠، وبُغية الوُعاة ٢/١٣٢.
٣ "ذكر ابن جنّي أن بعضهم يعربها". قاله ابن مالك في شرح الكافية الشافية١/٢٧٤؛ ونسب رواية البيت له بالياء معرباً في شرح عمدة الحافظ١/١٢٢؛ حيث قال: "هكذا رواه ابن جنّي بالياء معرباً، ورواه غيره بالبناء". وينظر: ابن الناظم ٨٨، وتخليص الشواهد ٥٤، وتعليق الفرائد٢/٢٠٦، والتصريح١/٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>