للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ وُجِدَ منصوبًا في كلامٍ لا فعل فيه، كقولك: (الرّحيل غدًا) ففي الكلام محذوف؛ وهو النّاصب للظّرف وتقديرُه: (استقرّ غدًا) ، وعند بعضهم: (مستقرّ) ١.


١ اختلف النُّحاة في عامل النّصب في الظّرف الواقع خبرًا:
فذهب الكوفيّون إلى أنّ الظّرف ينتصب على الخلاف إذا وقع خبرًا للمبتدأ، نحو: (زيدٌ أمامك) وما أشبه ذلك.
وذهب ثعلب من الكوفيّين إلى أنّه ينتصب؛ لأنّ الأصل في قولك: (أمامك زيد) : حلَّ أمامك؛ فحذف الفعل وهو غير مطلوب، واكتفى بالظّرف منه، فبقي منصوبًا على ما كان عليه مع الفعل.
وذهب البصريّون إلى أنّه ينتصب بفعل مقدّر؛ ثم اختلفوا في هذا المقدّر هل هو اسمٌ أو فعل؟
فذهب الفارسيّ، والزّمخشريّ، وابن الحاجب إلى أنّه فعل، وأنّه من حيّز الجملة، وتقديره: زيدٌ استقرّ في الدّار، أو حلّ في الدّار؛ ويدلّ على ذلك أمران:
أحدهما: جوازُ وُقوعه صلةً، نحو قولك: (الّذي في الدّار زيدٌ) والصّلة لا تكون إلاّ جملة.
والثّاني: أنّ الظّرف والجارّ والمجرور لا بدّ لهما من متعلّق به، والأصل أن يتعلّق بالفعل، وإنما يتعلّق بالاسم إذا كان في معنى الفعل ومِن لفظه؛ ولا شكّ أنّ تقدير الأصل الّذي هو الفعل أولى.
وذهب ابن السّرّاج، وابن جنّي - واختاره ابن مالك - إلى أنّ المحذوف المقدّر اسم، وأنّ الإخبار بالظّرف من قبيل المفردات، إذْ كان يتعلّق بمفرَد؛ فتقديرُه: مستقرّ، أو كائن ونحوهما.
والحُجّة في ذلك: أنّ أصل الخبر أن يكون مفردًا، والجملة واقعة موقعه، ولا شكّ أنّ إضمار الأصل أولى.
ووجهٌ ثانٍ: أنّك إذا قدّرت فعلاً كان جملة، وإذا قدّرت اسمًا كان مفرَدًا؛ وكلّما قلّ الإضمار والتّقدير كان أولى.
تُنظر هذه المسألة في: الأصول ١/٦٣، واللّمع ٧٥، والمقتصد ١/٢٧٥، والإنصاف، المسألة التّاسعة والعشرون، ١/٢٤٥، والتّبيين، المسألة الثّالثة والثّلاثون، ٢٤٩، وشرح المفصّل ١/٩٠، وشرح الكافية الشّافية ١/٣٤٩، وشرح الرّضيّ ١/٩٣، والتّصريح ١/١٦٦، والهمع ٢/٢١، ٢٢، والأشمونيّ ١/٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>