للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخبرٌ أنت المخيّر في تقديمه وتأخيره وتوسّطه؛ وهو (كان) وما كان عاريًا من النّفي؛ فتقول: (قائمًا كان زيد) ، ومنه قولُه تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ١ و (مسرورًا ظلّ عمرو) و (أصبح صائمًا خالد) ؛ لأنّ هذه الأفعال لَمّا تصرّفت في أنفسها تصرّفت في معمولها لعدم المانع.

وكلّ ما كان خبرًا لمبتدأ جاز٢ أنْ يكون خبرًا لهذه٣ الأفعال.

فإنْ وقع الخبر فعلاً ماضيًا فهو مستكرَهُ؛ لأنّه مثلها، ولا يحسُن إلاّ أنْ يكون معه (قد) ملفوظًا بها أو مقدّرة؛ فتقولُ: (كان زيدٌ قد قام أمس وإن كان عَمِلَ خيرًا فهو مُجْزء به) ؛ وحَسَّنَ التّقدير كون الكلام شرطًا، ومنه قولُه تعالى: {وَإِنْ كَانَ قَمِيْصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} ٤. [٩٣/أ]

وأمَّا (ليس) فلا يكون خبرها بالماضي؛ لأنّ حقيقتها نفي الحال.

وهذه الأفعال سُمِّيت ناقصة؛ لأنّها سُلِبت الدّلالة على الحدَث٥.


١ من الآية: ٤٧ من سورة الرّوم.
٢ في أ: فجائز.
٣ في أ: خبر هذه.
٤ من الآية: ٢٧ من سورة يوسف.
٥ نسب ابن النّاظم هذا المذهب إلى سيبويه وأكثرِ البصريّين، ثمّ عقّبه بقوله: "وهو باطل؛ لأنّ هذه الأفعال مستوية في الدّلالة على الزّمان، وبينها فرقٌ في المعنى؛ فلا بدّ فيها من معنى زائد على الزّمان؛ لأن الافتراق لا يكون بما به الاتّفاق؛ وذلك المعنى هو الحدَث؛ لأنّه لا مدلول للفعل غير الزّمان إلاّ الحدَث.
والّذي ينبغي أن يُحمل عليه قولُ مَن قال إِنّ (كان) النّاقصة مسلوبة الدّلالة على الحدَث إنّها مسلوبة أن تستعمل دالّة على الحدَث دلالة الأفعال التّامّة بنسبة معناها إلى مفرد، ولكن دلالة الحروف عليه، فسمّي ذلك سلْبًا لدلالته على الحدَث بنفسه". شرح الألفيّة ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>