قال: فأقاموا ما أقاموا في أزال وربذه حتى استمخرت خيلهم ونعمهم وماشيتهم، وصلح لهم طلوع الجبال، فطلعوها، وهبطوا منها في تهامة على ذوال وغلبوا غافقاً عليها. وأقاموا بتهامة ما أقاموا، فلم يغتبطوا بها، ولم تقع منهم بالموافقة، فساروا منها إلى الحجاز، وافترقوا من الحجاز فرقاً، فصار كل فخذ منها إلى بلد، فمنهم من نزل السَّروات، ومنهم من تخلف بمكة وما حولها، ومنهم من سار إلى الشام، ومنهم من سار إلى عُمان. وفي ذلك يقول جماعة البارقي حيث يقول: " من الخفيف "
حلَّتِ الأزدُ بعدَ مأربِها الغو ... رَ فأرضَ الحِجاز فالسَّرواتِ
ومضتْ مِنهُمُ كتائبُ صِدقٍ ... مُنجِداتٍ تجُوبُ أرضَ الفلاةِ
فأتتْ ساحةَ اليمامةِ بالأظع ... انِ والخيلِ والقنا والرُّماةِ
فأنافتْ على سيوفٍ لطسمٍ ... وجديسٍ لدى العظامِ الرُّفاةِ
وأنابت تؤم قافية البح ... رين بالحور بين أيدي الرعاةِ
فأقرَّتُ قرارها بعُمانٍ ... فعُمانٌ محلُّ تلك الجهاتِ
وأتتْ مِنهُمُ الخورنقَ أسدٌ ... فاحتووا مُلكلَها ومُلكَ الفُراتِ
وسمتْ منهُمُ مُلُوكٌ إلى الشَّا ... مِ على الأعوجِيَّةِ المُضمراتِ
فاحتوَوها وشيَّدُوا المُلكَ فيها ... فلهُم مُلكُ ساحةِ الشَّاماتِ
تِلكُمُ الأكرمونَ من ولدِ الأز ... دِ لغسَّانَ سادةُ السَّاداتِ
والمِقُيمُون بالحِجازِ بجمعٍ ... أرغمُوا مِنهُمُ أنوفَ العداةِ
ملكُوا الطَّودَ من شروم إلى الطَّ ... ائفِ بالعدلِ منهم والثَّباتِ
واحتوتْ مِنهُمْ خُزاعتُها ال ... كعبةَ ذاتَ الرُّسومِ والآياتِ
أخرجتْ جُرهُمَ بن يشجبَ منها ... عُنوةً بالكتائِبِ المُعلماتِ
فولاةُ الحجيجِ مِنهَا ومِنهَا ... قُدوةٌ في مِنىً وفي عرفاتِ
وإليها رفادةُ البيتِ والمِر ... باعُ تُجبَى لها منَ الغاراتِ
وبنُو قيلةَ الَّذينَ حووا يث ... ربَ بالقُوَّد الأُسودِ العُتاةِ
زحفُوا لليهودِ وهيَ أُلوفٌ ... من دُهاةِ اليهُودِ أيَّ دُهاةِ
فأبادوا الطعان مِنهَا ولمَّا ... يَفشلُوا في لِقاءِ تلكَ الطغاةِ
فأذلُّوا اليهُودَ فيها وأَخلَوا ... مِنهُمُ الحرَّتينِ فالألباتِ
أصبح الماء والفشيل لقوم ... تحت آطامها مع الثمراتِ
ولهُمْ مِنْ بني اليهُودِ عبيدٌ ... حُوَّلٌ من نواظِرٍ وبناتِ
ورحاب لهم تسيم سُرُوجاً ... وسقاة قوارب وطهاةِ
أسَرُوها من اليهُودِ لدى شتِّ ... يتِها في القرى وفي الفلواتِ
أيُّهذا الَّذي يُسائِلُ عنَّا ... كيفَ يخفى عليكَ نُورُ الهُداةِ
نحنُ أهلُ الفخارِ من وَلَدِ الأز ... دِ نحنُ أهلُ الضِّياءِ والظُّلُماتِ
هل ترى اليومَ في البلادِ سِوانَا ... مِنْ مُلُوكٍ وسادةٍ وولاةِ
قال: فأما من سكن عمان من الأزد فيحمد والحدَّان ومالك والحارث وعبيد. وأما من سكن العراق فجذيمة الوضاح. وأما من سكن الشام فجفنة. وأما من سكن المدينة فالأوس والخزرج. وأما من سكن مكة ونواحيها فخزاعة. وأما من سكن السروات فبُجيلة وخثعم والحجر ونهد وغامد وشكر وبارق وسنجاب ودوس ونمر وخواله واليهوم وشمران وعمرو.