للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

٢٦٥- إذا ورد خطاب مطلق في الكتاب العزيز [والسنة] يشمل الأمة بصيغة تصلح في الوضع للرسول عليه السلام وهو كقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} وما في معناها و {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} فالذي صار إليه الأصوليون أن الرسول صلى الله عليه وسلم داخل تحت الخطاب وذهب شرذمة لا يؤبه لهم إلى أنه غير داخل تحت الخطاب.

وهذا ساقط من جهة أن اللفظ صالح ووضع اللسان حاكم باقتضاء التعميم والرسول من المتعبدين بقضايا التكليف كالأمة فإن قيل إنه على خصائص فالذي يقتضي مرتبة الخطاب أن يخص بكل ما يكون معينا فيه وهذا هذيان فإن ثبوت خصائص له في بعض القضايا لا يخرجه عن الأحكام العامة التي يشارك فيها الأمة والخصائص بالإضافة إلى أحكام العموم قليل من كثير ثم كل جنس من الناس على تفاوت الطبقات على خصائص فإن النساء مختصات بأحكام عن الرجال فكذلك المسافرون مختصون عن المقيمين إلى غير ذلك من أصناف المكلفين ثم لا يقتضي ذلك خروجهم عن قضايا الصيغ العامة وما ذكرناه تكلف وإلا ففي إشعار وضع اللسان بالعموم ودخول الرسول عليه السلام في حكمه ومصير المحققين إلى وجوبه والعمل بقضايا الظواهر مقنع في ذلك وبالجملة الخصوص في غير محل الخطاب لا يقتضي تخصيصا في محل الخطاب.

٢٦٦- وذهب بعض أئمة الفقهاء في ذلك إلى تفصيل فقال كان خطاب [لم يصدر] بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه ولكن ورد مسترسلا فالرسول مخاطب به كغيره وكل خطاب صدر على الخصوص بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه فذلك الذي لا يتناوله كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ١ وهذا ذكره الصيرفي٢ وارتضاه الحليمي٣ وهو عندنا تفصيل فيه تخييل يبتدره من لم يعظم حظه من هذا الفن.


١ وردت في سور كثيرة من القرآن.
٢ الصيرفي هو: محمد بن عبد الله البغدادي المعروف بالصيرفي كان إماما في الفقه والأصول تفقه على ابن سيرين وله تصانيف منها "شرح الرسالة" وقال القفال الشاشي: كان أعلم الناس بالأصول بعد الشافعي قال الشيخ أبو إسحاق: مات سنة "٣٣٠" له ترجمة في: وفيات الأعيان ٤/١٩٩ والعبر ٢/٢٢١ وطبقات الشيرازي ص "١١١" وطبقات الشافعية للأسنوي ٢/٣٣/٧١٩.
٣ الحليمي: بحاء مهمة مفتوحة هو أبو عبد الله الحسين بن حسن بن محمد ين حليم قال فيه الحاكم: كان شيخ الشافعيين بما وراء النهر وأنظرهم بعد أستاذية القفال الشاشي ولأودني. مات سنة "٤٠٣". له ترجمة في: طبقات الشافعية للأسنوي ١/١٩٤-١٩٥/٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>