للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٢- وأما آية القذفة فإنها خارجة عن القسمين جميعا على ما سنوضحه الان قائلين قوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} ١ حكم في جملة وقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ٢في حكم التعليل لحكم الجملة المتقدمة فإن الشهادة في أمثال هذه المحال بالفسق ترد فإذا تاب رفعت التوبة علة الرد وانعطف أثرها على الرد لا محالة فكأنه تعالى قال: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} ٣ لأنهم فاسقون إلا الذين تابوا وهذا يدرأ عنا سؤال من سأل فقال هلا حططتم الحد بالتوبة فإنا نقول الحد في حكم المنقطع عن الرد فإنه موجب جريرة ارتكبها والغرض من الحد الزجر عن أمثالها ولو سقط الحد بإظهار التوبة لاستجرأ الفسقة على الأعراض فلم نر للحد ارتباطا بالرد والفسق وإنما ارتباطه بالزجر الذي وضعه الشارع فكأنا عطفنا التوبة على جملة واحدة مؤذنة بالتعليل فلم يلزم عطف أثرها على حكم جملة منقطعة عنها فإذا جرت مسألة قبول شهادة القذفة لائحة مع استمساكنا بالحق المبين في مأخذ الأصول.

٢٩٣- فإن قيل إذا حبس على فرق وطوائف وعقب على الجملة الأخيرة استثناء فبم تفتون في موجب ذلك الاستثناء في الجمل السالفة قلنا أما من يعتقد ظهور انعطاف الاستثناء في الجمل المتقدمة فلا يكاد يخفى قوله وأما أنا فعندي الوقف فإن وجدت قرينة حاكمة اتبعتها فإن لم أجدها لم أحكم بالاستحقاق في الجمل الماضية في محل الاستئناف فإني لم أتحقق استحقاقهم فيها ولا يثبت الاستحقاق إلا بثبت فإن الأصل عدمه وهذا تقرب فائدته من فائدة مذهب من يعتقد ظهور انعطاف الاستثناء على جميع المذكورين.

مسألة:

٢٩٤- إذا استغرق الاستثناء الجميع كان باطلا لغوا واستقر الكلام المتقدم عليه في جميع مقتضاه كما يستقر كلام لا يستعقبه استثناء وإن أبقى الاستثناء شيئا وإن قل نفذ وبقى ما أبقاه الاستثناء.

٢٩٥- وذكر القاضي أن شرط صحة الاستثناء أن يكون مضمونه أقل من نصف المستثنى عنه ولم يتمسك إلا باستبعاد لا يليق بمنصبه التعلق بمثله فقال: إذا قال القائل لفلان: عندي عشرة إلا تسعة وخمسة أسداس وخمسة حبات عد ذلك من.


١ سبقت.
٢ سبقت.
٣ سبقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>