للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما سبقت الإشارة إلى القرائن فهذا الصنف لا يفضى إلى العلم بصدق المخبر [ولا] يقطع بكذبه أيضا.

ونحن نستعين بالله ونستفتح الآن القول في أخبار الآحاد والله الموفق للسداد أخبار الآحاد.

مسألة:

٥٣٨- ما ذهب إليه علماء الشريعة ومفتوها وجوب العمل عند ورود خبر الواحد على الشرائط التي سنصفها ثم أطلق الفقهاء القول: بأن خر الواحد لا يوجب العلم ويوجب العمل وهذا تساهل [منهم] والمقطوع به: أنه لا يوجب العلم ولا العمل فإنه لو ثبت وجوب العمل مقطوعا به لثبت العلم بوجوب العمل وهذا يؤدي إلى إفضائه إلى نوع من العلم وذلك بعيد فإن ما هو مظنون في نفسه يستحيل أن يقتضي علما مبتوتا فالعمل بخبر الواحد مستند إلى الأدلة التي سنقيمها على وجوب العمل عند خبر الواحد وهذا تناقش في اللفظ ولست أشك أن أحدا من المحققين لا ينكر ما ذكرناه.

وذهب طوائف من الروافض إلى أن خبر الواحد لا يناط به وجوب العمل وهؤلاء أنكروا الإجماع إذا لم يكن في المجمعين قول الإمام القائم في هذيان طويل. وقد مال إلى ذلك بعض المعتزلة.

٥٣٩- ثم افترق نفاة العمل بخبر الواحد: فذهب بعضهم إلى أن العقل يحيل التعبد بالعمل به [وذهب] الأكثرون إلى أنه لا يستحيل ورود الشرع به وهو من تجويزات العقل ثم افترق هؤلاء من وجه آخر فذهب ذاهبون إلى أن في الشرع ما يمنع التعلق به وقال اخرون: لم تقم دلالة قاطعة على العمل به فتعين الوقف وقد أكثر الأصوليون وطولوا أنفاسهم في طرق الرد على المنكرين.

٥٤٠- والمختار عندنا مسلكان أحدهما يستند إلى أمر متواتر لا يتمارى فيه إلا جاحد ولا يدرؤه إلا معاند وذلك أنا نعلم باضطرار من عقولنا أن الرسول عليه السلام كان يرسل الرسل ويحملهم تبليغ الأحكام وتفاصيل الحلال والحرام وربما كان يصحبهم الكتب وكان نقلهم أوامر رسول الله عليه السلام على سبيل الآحاد ولم تكن العصمة لازمة لهم فكان خبرهم في مظنة الظنون وجرى هذا مقطوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>