للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا غير مستقيم دليلا وهذا على الحقيقة أعادة للمذهب والسؤال قائم فلم يجب التنقى؟ وهلا احتمل ذلك كما احتمل في غير الصلاة وهذا ينعكس بستر العورة ثم ما بالها لم تؤثر في سائر العبادات فلا يكادون يرجعون إلى حاصل وهو أجلى مما ادعاه الذين عللوا وجوب الوضوء بما ذكرناه فإذا لم ينتظم في وجوب رفع العين معنى ولم يظهر في وجوب إمساس أعضاء الوضوء [بمائع] معنى فهلا قام في الوضوء كل مائع مقام الماء كما قام مقامه في الإزالة.

فإن قالوا: الإزالة متحققة حسا بالخل.

قلنا: فاستيعاب الوجه وغيره من أعضاء الوضوء على حكم الوضاءة حاصل بماء الورد حسا وهذا سيئول إلى تدقيق وهو أنه إن فرض الماء أرق المائعات وأدفعها فقد يعتقد مع ذلك أنه لا يقوم غيره مقامه في حقيقة الرفع فأما حيث لا مرفوع وإنما الغرض إمساس أعضاء وهذا المعنى يحصل بكل مائع إلى غير ذلك من فصول تطول ولم نذكر هذه الطريقة لنعتقدها ولكنا أصيبنا أن نصير هذه المسألة ومسائل يعدها أمثالا لفائدة سنربطها إن شاء الله تعالى [بغرضنا في التحقيق] فلينظر الناظر في هذه المسألة واللواتي بعدها نظر من يعدها أمثالا ويستعدها لما يستعقب المسائل به إن شاء الله تعالى.

مسألة:

٨٩٧- قال الخائضون في هذا الفن: رب أصل يتطرق إليه التعليل من وجه ويتقاعد عنه التعليل من وجه وضربوا لذلك أمثلة ونحن نذكر منها مثالا أو مثالين ثم يقيس الناظر بما نذكره ما لم نذكره.

فمن أمثلة ذلك اختصاص القطع بالنفيس وهذا على الجملة معلل بأمر ظاهر وهو أن أربا العقول لا يهجمون على التغرير بالأرواح والمخاطرة بالمهج بسبب التافه الوتح وإن غرر مغرر فإنه يربط قصده بمال نفيس.

قالوا: هذا معلوم على الجملة ويشهد له القواعد الزجرية التي تستحث الطبائع على الهجوم على الفواحش فيها فانتصبت الحدود مزحزحة عنها والمحرمات التي لا صغو ولا ميل للطبائع إليها لم يرد الشرع في المنع عنها بحدود بل وقع الاكتفاء بما في جبلات النفوس من الارعواء عنها مع الوعيد بالعذاب الشديد والتعرض للأئمة والخروج عن سمة العدالة في الحالة الراهنة ثم قال هؤلاء: القياس وإن اقتضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>