للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمر، كأنه قال: اسمع به ولا تره, وأنشد:

ضلت حلومهم عنهم وغرهم ... سن المُعَيْدِيِّ في رعي وتعزيب

وتقول: به غل من العطش، وفي رقبته غل حديد، وفي صدره غِلٌّ, وتقول: لعب الصبيان خراج يا هذا، مكسورة الجيم، بمنزلة دَرَاكه وقطَامِ.

باب

ومما تضعه العامة في غير موضعه قولهم: خرجنا نتنزَّه، إذا خرجوا إلى البساتين، وإنما التنزه التباعد عن المياه والأرياف, ومنه قليل فلان يتنزه عن الأقذار، أي يتباعد منها, ومنه قول الهُذَلِيّ١:

أقب طريد بِنُزْهِ الفلا ... ة لا يرد الماء إلا ائتِيابا

بِنُزْه الفلاة، يعني ما تباعد من الفلاة عن المياه والأرياف, وظَلِلْنا مُتَنَزِّهِيْنَ إذا تباعدوا عنه، وإن فلانًا لنزيه كريم، إذا كان بعيدًا عن اللؤم, وهو نَزِيْهُ الخلق, ويقال: تَنَزَّهُوا "بحرمكم عن القوم, وهذا مكان نزيه، أي خلاء ليس فيه أحد، فانزلوا فيه بحرمكم", وتقول: وعزت إليك في كذا وكذا، وأوعزت، لغتان, وتقول: هي صَدُقَة المرأة، مفتوحة الصاد مضمومة الدال، وصداقها, قال الله جل وعز: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: ٤] ، قال الأصمعي: سمعت ابن جريج يقول: قضى ابن عباس لها بالصَّدُقة, وتقول: هذا ماءٌ ملحٌ, وقال الله عز وجل {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر: الآية ١٢] ، وهذا سمك مليح ومملوح، ولا تقل مَالح, ولم يجئ شيء في الشعر إلا في بيت لعذافر:

بصرية تزوجت بصريا ... يُطعمها المَالِحَ والطريَّا

ولا يقال ماءٌ مالح, ومَلَحْتُ القدر، إذا ألقيتَ فيها الملح, وتقول: "الصيف ضيَّعَتِ اللبن" مكسورة التاء، إذا خوطب بها المذكر أو المؤنث أو الاثنان والجميع وهي مكسورة التاء؛ لأن أصل المثل خوطبت به امرأةٌ كانت تحت رجل موسر، فكرهته لكبر سنه، فطلقها، فتزوجها رجل مملق، فبعثت إلى زوجها الأول تستميحه،


١ أسامة بن حبيب الهُذَلي كما في: اللسان: نزه.

<<  <   >  >>