للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتقدمه في الفضيلة التي أبانه١ الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات، وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة. فمن سُرَّ بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله ـ عز وجل ـ فلْيَعْلَمْ أن النمر أجرأ منه، وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه، ومن سُرَّ بقوة جسمه، فلْيَعْلْم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسماً، ومن سُرَّ بحَمْله الأثقالَ، فلْيَعْلَمْ أن الحمار أحملُ منه، ومن سُرَّ بسرعة عَدْوِهِ فلْيَعْلَمْ أن الكلب والأرنب أسرعُ عَدْواً منه، ومن سُرّ بحُسْن صوته، فلْيَعْلَمْ أن كثيراً من الطير أحسن صوتاً منه، وأن أصوات المزامير ألذُّ وأطربُ من صوته.

فأيُّ فخرٍ وأيُّ سرور فيما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه؟!.

لكن من قوي تمييزه، واتسع علمه، وحَسُنَ عمله، فليغتبط بذلك، فإنه لا يتقدمه في هذه الوجوه إلا الملائكة وخيار الناس ٢.


١ أي مَيَّزَهُ.
٢ الأخلاق والسير في مداواة النفوس: ص١٨- ١٩.

<<  <   >  >>