للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن على مراد الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن الواضح أنّ مِثْل هذا الحديث مِن القول الذي ظاهرُهُ العموم، والمراد به الخصوص؛ يَدُلُّ على هذا الأحاديث الأخرى، وكذلك الرواية الأخرى: "إني راكبٌ غداً إلى اليهود؛ فلا تبدءوهم بالسلام" ١؛ فعموم الرواية السابقة يُحْمَل على خصوص هذه٢. ومما قاله: قال القرطبيّ في قوله: "وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضْيقه" معناه: لا تتنحّوا لهم عن الطريق إكراماً لهم واحتراماً، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبةً للجملة الأولى في المعنى، وليس المعنى: إذا لقيتموهم في طريقٍ واسع فألْجئوهم إلى حَرْفه حتى يضيق عليهم؛ لأن ذلك أذىً لهم؛ وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب٣.

٥- الخلط بين تفضيل الإسلام، وتفضيل الخُلُق الشخصيّ للمسلم:

يَظن بعض الناس أنه بحكم الإسلام فإنه يتعين الحُكْم للمسلم أنه أفضل في الخُلق والسلوك الشخصي من الكافر مطلقاً، وأنه لا يمكن أن يوجد كافرٌ أفضل في الخلق والسلوك الشخصي من المسلم! وهذه مغالطة في فهم الدين وفي فهم الواقع؛ إذ الأخلاق الممدوحة في الإسلام إنما هي ممدوحةٌ لِذَاتها، بِغضِّ النظر عن صاحبها، كما أن الأخلاق المذمومة في


١ البخاري، في الأدب المفرد، برقم١١٠٢، وأحمد: ٦/٣٩٨، بلفظين، للنسائيّ في عمل اليوم والليلة: ص٣٠٥، بمعناه، وابن ماجة، برقم٣٦٩٩.
٢ يُنظر ما ذكره الإمام ابن حجر من فقْهِ أحاديثِ الباب وأحكامها في: الفتح١١/٣٨- ٤٠و٤١ - ٤٦.
٣ فتح الباري، لابن حجر ١١/٤٠.

<<  <   >  >>