قال المعترض:"فقام في نصرته وإظهار عقيدته محمد بن مسعود (١) أمير الدرعية الذي ما زال أولاده يعيثون فساداً في نجد، فحمل الناس على متابعته واتباع مذهبه".
أقول: وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فإن الله تعالى لما من على هذا الشيخ الجليل محمد بن عبد الوهاب بالعلم النافع والفهم الواسع في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفقه للعمل بما علم، والوفاء بعهد الله الذي أخذه على أهل العلم أن يبينوه للناس ولا يكتموه. فلما رأى الشيخ رحمه الله تعالى ما عم وطم من الفساد في الأمة المحمدية، وخصوصاً في البلاد النجدية من ظهور الشرك والبدع، وعموم الجهل واتباع الهوى، بل الرجوع إلى الجاهلية الأولى صمم رحمه الله تعالى على القيام بالدعوة إلى تحقيق دين الله الذي أرسل به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم والرجوع إليه، وترك ما خالفه من الجهل والضلال ومحاربة العادات التي ليست من دين الإسلام في شيء، بل هي من صميم الجاهلية فلما علم الله صدق نية هذا الشيخ وإخلاصه في الدعوة إليه وإلى دينه، يسر له أسباب الهداية والتوفيق، وأقام لنصرته من سبقت له من الله السعادة على التحقيق محمد بن سعود، رفع الله مقامه في جنات الخلود، وذلك بعد أن قام أعداء الله ورسوله على الشيخ فناصبوه العداء، وطلبوا قتله، وحرموه من القرار في واسع الفضاء، يعلم الناس ما جهلوه من أمر دينهم. فخرج مهاجراً على قدميه وحيداً يتلو آي القرآن، وتحفه ملائكة الرحمن حتى انتهى إلى معقل الإيمان وجنود الملك الديان. فقابلوه بالقبول والإحسان وأنزلوه منهم منزلة النظر بين الأجفان. وبنزوله عليهم نزل بهم خير الدنيا والآخرة فقد أغناهم الله بعد الفاقة، وكثرهم بعد القلة، وأعزهم بعد أن كانوا أذلة. فجعلهم ملوكاً دانت لهم الجزيرة العربية