قال الملحد:"البحث الثاني: في الزيارة. اعلم يا أخي- شرح الله قلبي وقلبك بنور الإخلاص- إن لنا معشر المؤمنين وجداناً في حب نبيّنا عليه الصلاة والسلام يكفينا عن الاستدلال والاستشهاد على ما نحن في صدده، فيمن شاء فليتبعنا فيتذوق بما ذقنا، ولا تنازع في الأذواق".
أقول: في كلام هذا الجاهل من الركاكة وسوء التعبير ما هو اللائق بجهله وغروره في نفسهن إذ إنه لم يكن من الذين شرح الله صدورهم للإسلام، ونوَّر قلوبهم بنور الإيمان، المتلقى من مشكاة النبوة، وإنما هو من الجامدين على العادات الجاهلية والتقاليد والوثنية التي نشأوا عليها وحكموها في وجدانهم الضال، فجعلوها ديناً يقدمونها على كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم. فلم يكن مصدر وجدانهم عن علم ولا هدى ولا نور، وإنما هي عن بلادة وتقليد أعمى وغرور بما ورثوا من الجهالات والضلالات والبعيدة كل البعد عن خالص الإيمان بالله وبرسوله وما جاء به من عند الله تعالى من تعزيزه وتوقيره وإتباع النور الذي أنزله معه. فمواجيدهم صادرة عن هوى نفوسهم الأمارة بالسوء، وعن وسوسة الشيطان الذي أضلهم عن سلوك سبيل المؤمنين، لذلك يقول الأحمق:"إنه يكتفي بوجدانه فيما يزعمه من حب نبيّنا عليه الصلاة والسلام عن الاستدلال والاستشهاد لما هو في صدده" ويعني به: ما سيذكره من الغلو الذي آله بهم إلى الكفر الشنيع، ومن ثم حذر ونهى الله عنه ورسوله في حقه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وفي حق كل مخلوق، وذلك فيما يموه به عباد القبور من اسم الزيارة عامة وزيارة قبره الشريف خاصة، فإن حقيقة هذه الزيارة عندهم هي دعاء الأموات وصرف خالص العبادة لهم من دون الله فاطر الأرض والسموات. وأما محبة الرسول صلى الله عليه وسلم: فإنها تبع لمحبة الله تعالى. وقد ادعى قوم محبة الله تعالى، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران، الآية:٣١] ، وكل من ادعى ما ليس فيه طولب بالدليل:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة، الآية:١١١] وكيف يدعي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم من هو خصم لدعوته إخوانه من الرسل، وهي توحيد الله