قال المعترض:"قلت: قوله إنها ثاني أدلة الأحكام، بناء على قاعدتهم: إذا تعارض حديثان في حكم يرجعون فيه إلى ما صح منهما عن الصحابة وهذه قاعدة إمامنا مالك رضي الله عنه ترجيح ما عمل به أهل المدينة".
أقول: انظر كيف خرج هذا الأحمق من كلام صاحب كشف الظنون بهذا الفهم والاستنباط العاطل، ولم يفهم معنى الكلام، وما ورد فيه من مراعاة هذه الأصول وما ذكر معها من الأحكام والقواعد، والمصطلحات التي يجب معرفتها واتقانها على من أراد أن يكون من حملة أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام التي هي ثاني أدلة الأحكام بعد كتاب الله تعالى. فقد جهل هذا الملحد أن معرفة هذه الأصول يتوقف عليها مدار علم الحديث. وقد أتقنها أئمة أهل الحديث، واعتنوا بها غاية الاعتناء. لأنه لا يكون إماماً في الحديث من يجهل أصوله واصطلاحاته، كما زعمه هذا الملحد. ويكفيهم إجماع الأمة على إمامتهم، وصحة ما دونوه في كتبهم المشهورة بين المسلمين وفي مقدمتها: الصحيحان – البخاري ومسلم – وهما اللذان ينكر هذا الملحد العمل والفتوى بنصوصهما ولو يعلم المعترض ما تضمنه كلام صاحب "كشف الظنون" لما أورده هنا. فهو كما قلنا عنه آنفاً: كالحمار يحمل أسفاراً. فإن هذا الذي نقله عن صاحب "كشف الظنون" يلقمه حجراً، ويرد كيده في نحره، فيما زعمه من اتهامه أئمة أهل الحديث بالتسامح والتقصير، وأنهم لم يدونوا الأحاديث لأجل العمل بها، بل