وقال في موضع آخر: وفي السنة الحادية عشرة بعد المائتين والألف (١) أرسل الشريف غالب رسلاً إلى عبد العزيز بن محمد بن سعود يطلب منه أن يرسل إليه علماء من أهل الدين والتوحيد، ويحرض على قدومهم مع رسله الذين أرسلهم بهذا البريد. ويزعم بذلك أنه يريد تحقيق هذه الدعوة حتى يقف على حقيقة الحال عن يقين. فأجابه عبد العزيز رحمه الله تعالى إلى ذلك وأرسل إليه من علماء الذين من يكشف عنه شبه المبطلين، وكبيرهم الشيخ حمد بن ناصر بن معمر فلما وصلوا إلى بلد الله الحرام ودخلوها معتمرين فطافوا وسعوا وأتوا بالعمرة، ونحروا الجزر التي أرسلها الأمير سعود هدياً لبيت الله الحرام، فقابلهم الشريف بالإقبال والإجلال ووالى عليهم حشمته وإكرامه، وأحضرهم لديه مع علماء مكة عدة ليال عقدوا فيها للمناظرة مجالاً.
وصفة ما جرى منهم: أنهم حضروا ببيت الشريف غالب. فأول ما افتتحوا به الكلام وحصلت فيه المحاورة والمفاوضة في تلك المجالس هي مسألة قتالهم للناس، وطلب الدليل عليها من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة. فأجابهم الشيخ حمد بن ناصر ببيان الحجة والدليل والنص القاطع للاحتمال والتأويل من الكتاب والسنة, وما عليه الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون. فلما أوقفهم على تلك النصوص الصحيحة الصريحة لم يسعهم إلا الإقرار والإذعان، بعدما حملهم الهوى على كون تلك النصوص لم تكن في الكتب الموجودة عندهم. ثم تفاوضوا بعد ذلك في مجالس عديدة في دعوة الأموات، وأنها شرك مع الله تعالى فأبدى لهم على ذلك من نصوص الكتاب والسنة وأقوال كبار الأئمة ما أدهش عقولهم وحير أفكارهم. فلم يكن لهم من حجة إلا أن أنكروا وقوع ذلك في أقطارهم، مع أنه موجود عندهم مشاهد. وقد قال كبيرهم- وهو أول من حضر وتأهب للمناظرة للشيخ حمد بن ناصر – إعلم أني لا أخاصمك ولا أناظرك وإن أتيتني بالدليل من الكتاب والسنة وبما قاله علماء المذاهب سوى ما قاله إمامي أبو حنيفة رحمه الله لأني مقلد له فيما قال، فلا أسلم لسوى قوله، ولو