العامة وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب ما تخفى على مثلكم. أعظمها: اتباع الهوى مع أسباب أخر. فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين وأنا على غير جادة العلماء ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب، وذكروا عنا أشياء يستحي العاقل من ذكرها، وأنا أخبركم بما نحن عليه بسبب أن مثلكم ما يروج عليه الكذب على أناس متظاهرين بمذهبهم عند الخاص والعام.
فنحن – ولله الحمد – متبعون لا مبتدعون، على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. وتعلمون – أعزكم الله – أن المطاع في كثير من البلدان لو يتبين بالعمل بهاتين المسألتين أنها تكبر على العامة الذين درجوا – هم وآباؤهم – على ضد ذلك وأنتم تعلمون رحمكم الله أنه في ولاية الشريف أحمد بن سعيد وصل إليكم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين، وأشرفتم على ما عندنا بعدما أحضروا كتب الحنابلة التي هي عندنا عمدة، كالتحفة والنهاية عند الشافعية. فلما طلب منا الشريف غالب – أعزه الله ونصره – امتثلنا وهو إليكم واصل. فإن كانت المسألة إجماعاً فلا كلام وأن كانت مسألة اجتهاد فمعلومكم أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد. فمن عمل بمذهبه في محل ولايته لا ينكر عليه. وأنا أشهد الله وملائكته وأشهدكم أني على دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأني متبع لأهل العلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فلما قدم الشيخ عبد العزيز الحصين إلى مكة المشرفة أكرمه الشريف غالب واجتمع معه مرات عديدة، وعرض عليه رسالة الشيخ إلى العلماء بمكة فعرف ما بها من الحق الهدى وما نفته من الباطل والردى. فأذعن لذلك وأقر به، ثم بعد ذلك بمدة أبى واستكبر، وتمسك بقديم مذهبه وأصر. فطلب منه الشيخ عبد العزيز الحصين أن يحضر العلماء معه ليناظرهم أمامه في أصول التوحيد فأبوا عن الحضور وقالوا: هؤلاء الجماعة ليس عندهم بضاعة إلا أدلة تبطل نهج آبائك وأجدادك، وترفع يدك عن عوائدك وجوائز بلادك، فطار لبه وارتعش قلبه. انتهى.