وعرفناهم: أنا لم يكن بيننا وبينهم خلاف له وقع إلا في الدعاء، وتحقيق معنى الشرك الذي قاتل عليه الناس نبينا صلى الله عليه وسلم، واستمر دعاؤه برهة من الزمان بعد النبوة على ذلك التوحيد وترك الإشراك قبل أن يفرض عليه باقي أركان الإسلام.
والأمر الثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي لم يبق منهما إلا اسمهما، وانمحى أثرهما ورسمهما.
فوافقونا على ما نحن عليه جملة وتفصيلاً، وبايعوا ذلك الأمير على الكتاب والسنة، وقبل منهم وعفا عنهم كافة، ولمن يحصل لهم أدنى مشقة، ولم يزل يرفق بهم غاية الرفق، فيقررهم حال اجتماعهم، وحال انفرادهم، لدينا أدلة على ما نحن عليه، ويطلب منهم المناصحة والمذاكرة، وبينا لهم الحق وعرفناهم، بان صرح لهم الأمير حال اجتماعهم: بأنا قابلون ما وضح من كتاب وسنة أو أثر عن السلف الصالح، كالخلفاء الراشدين المأمورين باتباعهم، بقوله عليه الصلاة والسلام:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" أو عرف عن الأئمة الأربعة المجتهدين ومن تلقى العلم عنهم إلى آخر القرن الثالث لقوله عليه الصلاة والسلام: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" وعرفناهم أنا دائرون مع الحق أينما دار، وتابعون الدليل الجلي الواضح، ولا نبالي حينئذ بمخالفة من سبق عليه من قبلنا، فلم ينقموا علينا أمراً، فألححنا عليهم في مسألة طلب الحاجات من الأموات إن بقي لهم شبهة أو شبهتان، فرددناها بالدلائل القاطعة من الكتاب والسنة، حتى أذعنوا ولم يبق عند أحد منهم شك ولا ارتياب: أن ما قاتلنا الناس عليه أنه هو الحق الجلي الذي لا غبار عليه وحلفوا لنا اليمين المعقدة من دون استحلاف لهم على انشراح صدورهم وجزم ضمائرهم وبأنه لم يبق لديهم شك فيمن قال: "يا رسول الله" أو "يا ابن عباس" أو "يا عبد القادر" أو غيرهم من المخلوقين، طالباً بذلك دفع شر أو جلب خير، من كل ما لا يقدر عليه إلا الله تبارك وتعالى، من شفاء مريض، أو النصر على العدو، أو الحفظ من المكروه ونحو ذلك أنه شرك أكبر، مهدر دمه مبيح ماله، وإن كان الفاعل باعتقاده: أن المؤثر في تصريف الكون هو الله