والحكمة، فلم يجز والله أعلم أن يقال "الحكمة" هاهنا إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله وأن الله افترض طاعة رسوله وحتم على الناس اتباع أمره. انتهى.
وقال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَىإِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم، الآيتان: ٣- ٤] وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[النساء، الآية: ٦٥] .
فهذا الذي سقناه من الآيات يدل دلالة قاطعة على أمر الله تعالى لجميع الخلق باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم أمراً مطلقاً، وأن من رد شيئاً مما جاء به صلى الله عليه وسلم فهو ممن قال الله فيهم:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}[البقرة، الآية: ٨٥] الآية. فالدين كله في القرآن وهو الذي أمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، وهو الذي أخبرنا بأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فإن كان في نفس المعترض شك مما دلت عليه هذه الآيات، أو أن لها تأويلاً غير ما دل عليه ظاهرها فلا يبعد عليه، فإنه من المحرفين لكتاب الله تعالى، فقد تبين ضلاله. وأما أن كان يقر بما دلت عليه هذه الآيات، من أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن ليبلغه ويبينه للناس، وما أمره أن يشرع للناس أشياء من عنده، وأنا الدين كله في القرآن، وأن هذا من أصول مذهب الوهابيين وأن اعتراضه على الوهابيين محصور في قوله "وكل ما جاء في الحديث" إلى آخر كلامه، فهذا هو المطلوب، وعليه ينبني الجواب عن قوله:"وكل ما جاء في الحديث، ويسميه المسلمون سنة واجبة، فهو باطل ولا يجوز التعبد والعمل به " وهو المقام الثاني من جوابنا على ما افتراه هذا الملحد.
فقد ظهر تناقضه، وبان كذبه. فكيف يتفق الإيمان بالله وبكتابه وبرسوله وأن الدين كله في كتابه المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم مع رد سنة رسوله التي هي "الحكمة" والبيان للقرآن بنص التنزيل، وأنها باطلة لا يجوز التعبد بها؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.