المجسمة والممثلة. فالأولون كالجهم والجعد والمريسي ومن تبعهم من أئمة التعطيل، والآخرون كمحمد بن كرام وهشام بن الحكم وهشام بن الجواليقي أئمة التشبيه والتمثيل. وقد حمى الله السلف عن هذين الطريقين، وبرأهم عن مسلك الفريقين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – في سياق كلام له عن هؤلاء المبتدعة-: فإن السلف رضي الله عنهم إذا رأوا الرجل قد أغرق في نفي التشبيه من غير إثبات للصفات، قالوا: هذا جهمي معطل. قال: وهذا كثير في كلامهم جداً، فإن الجهمية والمعتزلة إلى اليوم يسمون من أثبتن شيئاً من الصفات مشبهاً، كذباً وافتراء، حتى إن منهم من غلا حتى رمى بعض الأنبياء بالتشبيه، وهو ثمامة بن الأشرس من رؤساء الجهمية، وحتى إن أكثر المعتزلة يدخل عامة الأئمة في قسم التشبيه، مثل الإمام مالك وأصحابه، والثوري وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وإسحاق بن راهوية وأبي عبيد وغيرهم. وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءاً سماه "تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة" ذكر أنه صحيح على رأيه الفاسد، كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي صلى الله عليه وسلم بألقاب افتروها، فالروافض تسميهم "نواصب" والقدرية تسميهم "مجبرة" والمرجئة تسميهم "شكاكا" والجهمية تسميهم "مشبهة" وأهل الكلام يسمونهم "حشوية، ونوابت، وغثاء، وغثرا" إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمي الرسول صلى الله عليه وسلم تارة مجنوناً، وتارة شاعراً، وتارة كاهناً، وتارة مفترياً، قالوا: وهذه علامة الإرث الصحيح والمتابعة التامة. فإن السنة هي مات كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، اعتقاداً واقتصاداً قولاً وعملاً، فكما أن المنحرفين عنه يسمونه بأسماء مذمومة مكذوبة فكذلك التابعون له على بصيرة لا بد للمنحرفين عن سنته أن يعتقدوا فيهم نقصاً، فيذمونهم بأسماء مكذوبة، انتهى.
وقال الإمام الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي الشافعي