صحته، وعلمنا صوابه بالطريق التي بيناها، فلم نخالف بدعائنا إليه ما قررناه وعقدنا الباب عليه.
هذا كلام القاضي عبد الوهاب، وهو نظير قول من قال من أصحابنا: ما قلدنا الشافعي، ولكن طابق اجتهادنا اجتهاده.
وقال القاضي عبد الوهاب أيضاً في كتابه الملخص في أصول الفقه.
فصل في فساد التقليد. التقليد: لا يثمر علماً، فالقول به ساقط، وهذا الذي قلناه قول كافة أهل العلم، وذهب قوم من ينتمي للعلم وممن يفرع على نفسه من استيفاء النظر على وجهه حتى أن ينكشف له به فساد مذهب قد تمت له معه رئاسة، أو حصل له نشوة أو عادة او عصبية إلى صحة التقليد، وأنه يثمر العلم بالمقلد فيه. والدليل على فساد ذلك: أن المقلد لا يخلو إما أن يكون عالماً بصحة قول من يقلد، أو غير عالم بذلك فإن كان عالماً فهذا ليس بمقلد، لأنه متبع لقول قد عرف صحته بالطريق الذي به عرف كون قائله محقاً، وإن كان غير عالم بصحته لم يأمن أن يكون خطأ وجهلاً. فيقدم على اعتقاده ومعتقد الجهل والخطأ ليس بعالم، ولا يقال: إن اعتقاده علم. فبطل بذلك كون التقليد علماً وقد دل القرآن على فساد التقليد في غير موضع وعلى ذم من صار إليه ودان به.
وقال الغزالي في المستصفى: التقليد هو قبول قول بلا حجة، وليس ذلك طريقاً إلى العلم، لا في الأصول ولا في الفروع. وذهب الحشوية والتعليمية إلى أن طريق معرفة الحق التقليد، وأن ذلك هو الواجب وأن النظر والبحث حرام ويدل على بطلان مذهبهم، مسالك:
الأول: أن صدق المقلد لا يعلم ضرورة فلا بد من دليل، ودليل الصدق المعجزة فيعلم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم بمعجزته، وصدق كلام الله بإخبار الرسول عن صدقه، وصدق أهل الإجماع بإخبار الرسول عن عصمتهم، فحيث لم تقم حجة ولم يعلم الصدق بضرورة ولا دليل، فالاتباع فيه اعتماد على الجهل.