في كتابه "القول السديد" الفصل الأول: اعلم أنه لم يكلف الله أحداً من عباده بأن يكون حنفياً أو مالكياً أو شافعياً أو حنبلياً بل أوجب عليهم الإيمان بما بعث به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم والعمل بشريعته. انتهى.
فهذا ما وسع المقام نقله من كلام الأئمة المقتدى بهم في كل زمان ولو أردت استقصاء كلامهم في هذه المسألة لاحتمل مجلداً ضخماً. وفيما نقلته كفاية لبيان جهل هذا الملحد وتوغله في الضلالة. فقد رمى أئمة المسلمين من السلف والخلف بالإفك والضلالة. فقد رمى أئمة المسلمين من السلف والخلف بالإفك والضلال لأنهم لم يتقيدوا – على زعمه – بتقليد أحد الأئمة الأربعة، ولكنهم تقيدوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يتبعوا إلا من قال بهما لأنهم يعلمون أن ما وسع الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من القرون المفضلة – وفيهم الأئمة الأربعة وسائر أئمة الدين المقتدى بهم، وما جاز في حقهم من عدم تقليدهم لأحد غير من فرض الله عليهم طاعته واتباعه – يسع غيرهم ممن جاءوا من بعدهم إلى يوم القيامة. ومن لم يسعه ما وسع أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم من القرون المفضلة من بعدهم فلا وسع الله عليه.
وهذا الملحد يكفر من قلد محمد بن عبد الله الذي أرسله الله تعالى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وكذا من قلد أصحابه رضي الله عنهم ومن رد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ويدعي أن الأمة أجمعت – أولها عن آخرها – على تقليد الأئمة الأربعة والرد عند التنازع إلى أقوالهم. أن كتب الحديث "ليس فيها بيان ولا إشارة تهدي إلى الصواب" وقد أوردنا من أقوال أئمة المسلمين من جميع المذاهب سلفاً وخلفاً ما يبطل دعوى هذا الملحد، ويدرأ في نحره. وها هي بين يديك ومن أقربها إليك ما نقلناه عن الإمام ابن القيم رحمه الله حيث يقول: ولا يلزم أحد أن يتمذهب بمذهب رجل معين من الأمة بحيث يأخذ أقواله كلها ويدع أقوال غيره. وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة المسلمين.
وقال الإمام أبو شامة في كتابه "المؤمل": وسئل بعض العارفين عن معنى