الله تعالى – ويغالطون باسم التقليد والإجماع والقياس لأن هذه أسماء يدخلها التمويه والمغالطة على الجهال ونحن قد رددنا على ما زعموه من وجوب التقليد وانقطاع الاجتهاد.
والآن نبين فساد ما ادعاه هذا الملحد من أن جميع أهل السنة المتفرقين في الكرة الأرضية قد اتفقوا على تقليد الأئمة الأربعة مبينين أن التقليد رخصة لمن احتاج إليه، وأن الفرض على المكلفين هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم اتباع أصحابه الذين أمرنا صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم. وقد اشتهر عن الأئمة الأربعة رضي الله عنهم النهي عن تقليدهم وتقليد غيرهم، وما زال الأئمة من أصحابهم الملتزمين لمذاهبهم، يخالفونهم في بعض المسائل، إذا ترجح عندهم الدليل من الكتاب والسنة ويقولون: هذا هو حقيقة الاتباع للأئمة، وقبول نصحهم. روى ذلك عن المزني والبويطي من أصحاب الشافعي، وكذلك نبه على هذا الأئمة المتضلعون بعلوم الحديث، الباحثون عن فقهه ومعانيه، الذاكرون لأقوال العلماء ومذاهبهم من غير تقيد بواحد بعينه كأبي بكر بن المنذر وأبي سليمان الخطابي وأبي بكر البيهقي وأبي عمر بن عبد البر وغيرهم. ونبه عليه أيضاً البغوي في التهذيب وإمام الحرمين في النهاية ذكر هذا أبو شامة وروى أيضاً عن كثير من أصحاب الأئمة الأربعة رضي الله عنهم.
وقال الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه "الرد على من أخلد إلى الأرض" الباب الثالث في ذكر من حث على الاجتهاد وأمر به وذم التقليد ونهى عنه، اعلم: أنه ما زال السلف والخلف يأمرون بالاجتهاد، ويحضون عليه، وينهون عن التقليد، ويذمونه ويكرهونه. وقد صنف جماعة لا يحصون في ذم التقليد، فمن صنف في ذلك: المزني، صاحب الإمام الشافعي ألف كتاب "فساد التقليد" نقل عنه ابن عبد البر في كتاب "العلم" والزركشي في "البحر" ولم أقف عليه. وألف ابن حزم ثلاثة كتب في إبطال التقليد، وقفت عليها. وألف ابن عبد البر كتاب "العلم" في ذلك، وقفت عليه. وألف أبو شامة في ذلك كتابه المسمى "خطبة الكتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول" وقفت