للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متناقض. فإن قال: لأن معلمي – وإن كان أصغر – فقد جمع علم من هو فوقه إلى علمه، فهو أبصر بما أخذن وأعلم بما ترك. قيل له: وكذلك من تعلم منه معلمك فهو جمع علم معلمك وعلم من فوقه إلى علمه، فيلزمك تقليده وترك تقليد معلمك وكذلك أنت أولى أن تقلد نفسك من معلمك لأنك جمعت علم معلمك وعلم من هو فوقه إلى علمك. فإن أعاد قوله: جعل الأصغر ومن يحدث من صغار العلماء أولى بالتقليد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الصاحب عنده يلزمه تقليد التابع، والتابع من دونه، في قياس قوله والأعلى الأدنى أبداً، وكفى بقول يؤول إلى هذا قبحاً وفساداً.

قال أبو عمر: وقال أهل العلم والنظر: حد العلم التبيين، وإدراك العلوم على ما هو به، فمن بان له الشيء فقد علمه، وقالوا: والمقلد لا علم له ولم يختلفوا في ذلك ومن ههنا – والله أعلم – قال البحتري:

عرف العالمون فضلك بالعـ ... ـلم وقال الجهال بالتقليد

وأرى الناس مجمعين على فضـ ... ـلك من بين سيد ومسود

وقال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي: التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة. والإتباع: ما ثبتت عليه حجة. وقال في موضع آخر من كتابه: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده. والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه والاتباع في الدين مسوغ. والتقليد ممنوع. وذكر محمد بن حارث في أخبار سحنون بن سعيد عن سحنون قال: كان مالك بن أنس، وعبد العزيز بن أبي سلمة، ومحمد بن إبراهيم بن دينار وغيرهم يختلفون إلى ابن هرمز، فكان إذا سأله مالك وعبد العزيز أجابهما، وإذا سأله ابن دينار وذووه لم يجبهم. فتعرض له ابن دينار يوماً، فقال له: يا أبا بكر، لم تستحل مني ما لا يحل لك؟ فقال له: يا ابن أخي وما ذاك؟ قال: يسألك مالك وعبد العزيز فتجيبهما وإذا سألتك أنا وذويّ فلا

<<  <   >  >>