للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعلى رتبة وأجل قدراً وأعلم بالله ورسوله من أن يلزموا الناس بذلك. وأبعد منه قول من قال يلزمه أن يتمذهب بمذهب عالم من العلماء، وأبعد منه قول من قال: يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة. فيالله العجب، ماتت مذاهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الإسلام، وبطلت جملة إلا مذاهب أربعة أنفس من بين سائر الأئمة والفقهاء. وهل قال ذلك أحد من الأئمة أو دعا إليه أو دلت عليه لفظة واحدة من كلامه عليه؟ والذي أوجبه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على الصحابة والتابعين وتابعيهم: هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة، لا يختلف الواجب ولا يتبدل، وإن اختلفت كيفيته أو قدره باختلاف القدرة والعجز والزمان والمكان والحال فذلك أيضاً تابع لما أوجبه الله ورسوله.

ومن صحح للعامي مذهباً قال: هو قد اعتقد أن هذا المذهب الذي انتسب إليه هو الحق، فعليه الوفاء بموجب اعتقاده، وهذا الذي قاله هؤلاء: لو صح للزمه تحريم استفتاء غير أهل المذهب الذي انتسب إليه، وتحريم تمذهبه بمذهب نظير إمامه أو أرجح منه أو غير ذلك من اللوازم التي يدل فسادها على فساد ملزوماتها، بل يلزم منه أنه إذا رأى نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول خلفائه الأربعة مع غير إمامه أن يترك النص وأقوال الصحابة ويقدم عليها قول من انتسب إليه.

وعلى هذا فله أن يستفتي من شاء من أتباع الأئمة وغيرهم، ولا يجب عليه ولا على المفتي أن يتقيد بأحد من الأئمة الأربعة بإجماع الأئمة، كما لا يجب على العالم أن يتقيد بحديث أهل بلده أو غيره من البلاد بل إذا صح الحديث وجب عليه العمل به، حجازياً كان أو عراقياً أو شامياً أو مصرياً أو يمنياً. انتهى.

وقال العالم الأصولي الفقيه الشيخ محمد بن عبد العظيم المكي الحنفي في كتابه "القول السديد" الفصل الأول: اعلم أنه لم يكلف الله أحداً من عباده

<<  <   >  >>