فنقول: كما أنه دل على هذا الأصل فكذلك دل على مسائل كثيرة من فروع القول بالإجماع ونحن نذكر بعضاً – وذكر بعضها – فقال: ومنها الفرع الثاني الذي محصله أن الإجماع الحاصل عقيب الخلاف الواقع بين الأئمة يبقى حجة، ولا تأثير للاختلاف فيه" انتهى.
أقول: أما الكلام على الإجماع فقد تقدم منه ما شفى وكفى. فلا حاجة بي إلى إعادة البحث فيه وتتبع خزعبلات هذا الجاهل المعاند لتفنيدها عند كل سانحة تسنح له من أفكاره الباطلة. فإنه مهذار مخلط وإنما أقصد الآن بيان جرأة هذا الملحد في كذبه على العلماء، وتحريف كلامهم عن مواضعه.
فأقول: أن المعترض قد كذب على الفخر الرازي، وحرف كلامه وزاد فيه ونقص ظلماً وعدواناً متعمداً، فحذف منه ما هو حجة عليه وهدم لما يزعمه من انعقاد الإجماع بالعوام وممن ليس من أهل الاجتهاد بل من المقلدين. وهو الفرع الأول. فإن الفخر الرازي لما تكلم على آية سورة النساء وهي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء، الآية: ٥٩] تكلم على دلالتها على حجية الإجماع، وقرر أن المراد بأولي الأمر: هم العلماء المجتهدون. فقال ما نصه بالحرف الواحد: المسألة الحادية عشرة: قد دللنا على أن قوله: "وأولي الأمر منكم" يدل على أن الإجماع حجة، فنقول: كما أنه دل على هذا الأصل، فكذلك دل على مسائل كثيرة من فروع القول بالإجماع. ونحن نذكر بعضها:
الفرع الأول: مذهبنا أن الإجماع لا ينعقد إلا بقول العلماء الذين يمكنهم استنباط أحكام الله من نصوص الكتاب والسنة، وهؤلاء هم المسمون بأهل الحل والعقد في كتب أصول الفقه، نقولك الآية دالة عليه، لأنه تعالى أوجب طاعة أولي الأمر، والذين لهم الأمر والنهي في الشرع ليس إلا هذا الصنف من العلماء، لأن المتكلم الذي لا معرفة له بكيفية استنباط الأحكام من النصوص لا اعتبار بأمره ونهيه. وكذلك المفسر والمحدث الذي لا قدرة له على استنباط