ما نزل إلينا من ربنا، فبين لنا الحلال من الحرام، وفصل لنا ما أجمل ووضح لنا ما أشكل، فقال صلى الله عليه وسلم:"تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك". فما عذر من يعرض عن كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويجعلهما نسياً منسياً؟ كما يدعو إليه هذا الملحد ويكتفي عنهما بأقوال معقدة لا يعرف صحيحها من سقيمها؟ إن الكتاب الذي أعجز البلغاء، وعقل ألسنة الفصحاء عن ان يأتوا بآية مثله أحق بالتقليد والاتباع. كذلك سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى وهو أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء. وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم وقد أمنه الله تعالى على تبليغ رسالته، فهو أحق بالاتباع، دون غيره ممن لم يتعبدنا الله بتقليدهم، ولا اتباعهم. فإن تجاهل هذا الملحد كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجحد أنهما الأصل لهذا الدين الذين بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وتعبد الخلق بطاعته واتباعه، دون غيره كائناً من كان، وأن المعترض: لم يسمع أن في الدنيا هكذا دين، وفضل عليه دين الماديين. فال أرضاه الله، وليشهد علينا هو ومن على شاكلته أننا له مخالفون، ولأصولهم المخالفة لكتاب الله تعالى سنة نبيه منكرون، كما ننكر أصول الماديين وغيرهم من أهم الضلال، ونكفر بها وبمن قلدهم فيها، كالحاج مختار وشيخه دحلان، دعاة البدع والضلال.
قال المعترض: "فإذا علمت هذا، فاعلم أن الشرع عندنا مبني على ثلاثة أركان وهي: الأصول والفروع والقياس. فالأصول كلها عن كتاب الله تعالى. والفروع كلها عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بيان للأصول ودليله قوله تعالى:{لتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل، الآية:٤٤] ، وقوله:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم، الآيتان:٣-٤] وهذا ضروري بالنص والعقل. ولو لم يبيين الله على لسان رسوله ما جاء في القرآن من الأحكام مجملاً، أو النص فيه متشابهاً، أو الأسماء مشتركة لكان الدين على غاية من التشويش. ولا يصح عليه وصف الكمال وإتمام النعمة، لأننا في الأركان الثلاثة- فضلاً عن غيرها – نقع في اختباط. فالقرآن العظيم ما صرح لنا بعدد أوقات الصلاة وأسمائها وعدد