بدعة في الدين" وذلك في أول رسالته هذه، وفي بدء مناقشته للأئمة الذين ذكرنا أسماءهم. فإن أول ما خاطبهم به مفتتحاً به رسالته قوله: "أما بعد أيها الإخوان المتلقبون بالمتنورين، أراكم تدعون الناس لبدعة الاجتهاد في الدين، وغيرها من البدع" إلى آخر ما هذى به. وقد استوفينا من الرد عليه ما فيه كفاية وذكرنا أقوال جميع علماء المذاهب الأربعة بأن الاجتهاد فرض من فروض الكفايات لا يجوز خلو عصر منه، وأن ترك الاجتهاد مؤد إلى إبطال الشريعة.
فأما ما ذكره المعترض هنا، تحت هذا الفصل من مقدمة ومباحث: فينقسم إلى قسمين:
أحدهما: المقدمة وما يتبعها من كلام المعترض نفسه. فإن كلام يدل على جهل محض لا يخالطه شيء من العلم وعلى حمق لا يصحبه شيء من العقل الذي يرشد صاحبه إلى طلب الحق والهداية إليه.
وأما القسم الثاني: وهو ما نقله عن بعض العلماء تحت هذه المباحث الثلاثة، وهي تعريف الاجتهاد، وجوازه، وما يجب على المجتهد فيه فإن كلام العلماء الذي نقله المعترض مثبت لبقاء الاجتهاد في هذه الأمة ووجود المجتهدين فيها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن هذا الأحمق ومن قلدهم ضالون في زعمهم: انقطاع الاجتهاد بعد عصر الأئمة الأربعة مردود عليهم في ذلك من جميع المذاهب الأربعة. والغريب في أمر هذا المعترض أنه لا يعرف معاني ما ينقله من كلام العلماء، ويكفيه منه مجرد النقل عنهم مغالطاً مع تحريف كلامهم والتصرف فيه بالزيادة والنقصان، حتى إنه لا يفرق فيه بين ما هو حجة له أو عليه. فهو كالحمار يحمل أسفاراً. ومن ذلك ما نقله هنا عن صاحب "كشف الظنون" فإنه حجة عليه في طعنه على أئمة أهل الحديث وبيان لفساد فهمه وأنه ليس على شيء من العلم.
قال المعترض: "قال في كشف الظنون: في حرف الجيم مع الميم: وإن من أصول فرض الكفاية علم أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وآثار أصحابه التي هي ثاني