في كتابه "الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض" السادسة عشرة: قال النووي في الروضة تبعاً للرافعي: المنتسبون إلى مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك ثلاثة أصناف: أحدها: العوام. الثاني: البالغون رتبة الاجتهاد، واستعمال الأدلة، وترتيب بعضها على بعض. ووافق اجتهادهم اجتهاد. وإنما خالفوه أحياناً ولم يبالوا بالمخالفة. والصنف الثالث: المتوسطون. وهم الذين لا يبلغون رتبة الاجتهاد في أصل الشرع، لكنهم وقفوا على أصول الإمام في الأبواب وتمكنوا من قياس ما لم يجدوه منصوصاً له على ما نص عليه. وهؤلاء مقلدون له – ثم قال: السابعة عشرة: قال ابن قيم الجوزية في كتابه "ذم التقليد": أنكر بعض المقلدين على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في تدريسه في مدرسة ابن الحنبلي، وهي وقف على الحنابلة: والمجتهد ليس منهم فقال: إنما أتناول ما أتناوله منها على معرفتي بمذهب أحمد، لا على تقليدي له. ومن المحال أن يكون هؤلاء المتأخرون على مذهب الأئمة دون أصحابهم الذين لم يكونوا يقلدونهم فأتبع الناس لمالك ابن وهب وطبقته ممن يحكم الحجة، وينقاد للدليل أين كان. وكذلك أبو يوسف أتبع لأبي حنيفة من المقلدين له مع كثرة مخالفته له. وكذلك الأثرم وطبقته من أصحاب أحمد رحمهم الله أتبع له من المقلدين المحض المنتسبين إليه. وعلى هذا: فالوقف على أتباع الأئمة أهل الحجة والعلم أحق به من المقلدين في الأمر نفسه. انتهى.
قال السيوطي: وقد كنت أجبت بمثل هذا الجواب قبل أن أقف عليه لما قيل لي مثل ذلك في العام الماضي، واستندت إلى أن ابن الصلاح ولى تدريس الشافعية بالنظامية وهو موصوف بالاجتهاد المطلق وابن عبد السلام ولى تدريس الشافعية بالصالحية والظاهرية. وابن دقيق العيد ولى تدريس المدرسة المجاورة لضريح الإمام الشافعي وغيرها من المدارس الموقوفة على الشافعية. وكذلك السبكي والبلقيني كل قد ولى مدارس الشافعية، مع القطع بأنهم مجتهدون بقولهم وشهادة الناس لهم.