للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقليد، وقفت على كراسين منه، وألف المجد الشيرازي صاحب القاموس كتاب "الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد" انتهى كلام السيوطي.

قال العلامة الشيخ أبو الخير نور الحسن بن أبي الطيب صديق بن حسن رحمهما الله في "الطريق المثلى" دل كلام المحققين من أهل الفروع دلالة أوضح من شمس النهار على أن التقليد لا يجوز لرجل قد بلغ رتبة الاجتهاد لمجتهد مثله أو أعلم منه، وقد عرفوا ما وقع في كتب الأصول: أن علوم الاجتهاد خمسة من عرفها على الصفة التي بينها أهل هذا الشأن وأوضحها أهل التأليف في ذلك صار مجتهداً. فكيف بمن عرفها وعرف زيادة عليها، كما نعرفه من جماعة قريبة من علماء العصر، من يعرف هذه العلوم كما ينبغي. فإن الله – وله الحمد والمنة- قد أوجد في قرب عصرنا هذا –فضلاً عمن تقدم- كثيراً من العلماء القائمين بعلوم الاجتهاد، على الوجه المعتبر، بل عرفت فيمن أدركته من شيوخ مشايخي رحمهم الله تعالى والمعاصرين لهم من لديه من كل علم من العلوم الخمسة التي ذكرها أهل الأصول أضعاف ما اعتبره من كل واحد منها. بل ومنهم – كالعلامة الشوكاني، ومن حذا حذوه من علماء السنة الكائنين بالقطر اليماني، ومن سلك مسلكهم من بعدهم بالتوفيق الرباني – من يعرف علوماً أخرى غير تلك العلوم، يقر بهذا ولا ينكره، ويعترف به ولا يجحده، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل أولو الفضل. انتهى.

وهذا ما وسع المقام نقله من كلام أئمة أهل السنة قديماً وحديثاً في وجود المجتهدين في هذه الأمة، قبل عصر الأئمة الأربعة وفي عصرهم ومن بعد عصرهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأن الاجتهاد فرض من فروض الكفايات لا يجوز خلو عصر منه وأن ترك الاجتهاد مؤد إلى إبطال الشريعة.

فدعوى هذا المعترض إجماع الأمة على التقليد الأئمة الأربعة: دعوى مكابر معاند، سالك غير سبيل المؤمنين، خصوصاً ما آل إليه التقليد في هذه الأزمنة المتأخرة من هجرة الكتاب والسنة، وعدم الالتفات إليهما. أعاذنا الله من ذلك.

<<  <   >  >>