بهما من الأئمة ملفقاً لأنه لم يتقيد عندهم بتقليد إمام واحد من الأئمة الأربعة، ويجعله بمنزلة الرسول صلى الله عليه وسلم في تجريد الإتباع له. وهذا من محدثات الأمور التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته عنها، فقال:"عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
نقول: فأي بدعة أقبح مما بلغه التقليد اليوم من الغلو الذي أبطل العمل بنصوص الكتاب والسنة عند هؤلاء المتعصبين للتقيد الأعمى؟ انظر إلى ما يقوله الملحد مختار فيما سبق قريباً في رسالته هذه.
قال:"ومع هذا فأخبرونا: متى أجمعت الأمة على التعبد والتعامل بصحيح البخاري أو غيره؟ وأي عالم أو فقيه أفتى في حكم عن البخاري أو غيره؟ " يعني من كتب الحديث. قاتله الله أنى يؤفك هذا المفتري الضال.
ثم قال الملحد:"البحث الخامس في ترجمة الأئمة الأربعة" فأخذ يتهوس بكلام من عنده في حق الأئمة الأربعة هم في غنى عنه لأنه يتقول على الله بغير علم. إذ جزم هذا الملحد على الله: بأنه سبق في علمه أن يكون الأئمة الأربعة واسطة تدوين شريعته، وحفظ دينه. رشحهم لذلك كترشيح الأنبياء والرسل- إلى آخر ما هذى به من فضول الكلام، الذي ليس له صلة بترجمة الأئمة الأربعة. فقد ترك من ترجمتهم ما هو اللائق بهم ذكره من إخلاصهم العبادة لله تعالى، والزهد في الدنيا، وطلب الآخرة، مع ما أعطاهم الله من الفهم والفقه في علوم الشريعة، وتجريد الاتباع لصاحبها عليه الصلاة والسلام، حيث استحقوا أن يسموا بذلك أئمة يقتدى بهم إلى منهج المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.
فأما ما يدعيه هذا الملحد من الغلو في تقليدهم: فكله جهل وخوض في دين الله بغير علم. قد نهى الأئمة الأربعة عنه، وأغلظوا القول فيه، والتحذير منه. فقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "إنما أنا بشر، أصيب وأخطئ،