قال الأحمق:"فإن قيل: إن القائلين بجواز الاجتهاد لا يعنون المعاني التي ذهبتهم إليها، ولا يقولون بالخروج عن الإجماع، ولا غاية لهم إلا العمل بالكتاب والسنة، هم لما سمعوا من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم أنه ما جعل في الدين من حرج، وأن شريعتنا سمحاء، لا عذر لأحد في تنكبها، ورأوا الأئمة الأربعة أخذوا الأمة بالشدة والحرج، حتى اضطر كثير من الناس لترك فروض لا عذر لهم في تركها، إلا ما في أدائها من الحرج. ورأوا أئمة الحديث الذي أجمعت الأمة أيضاً على صحة ما دونوه في كتبهم نقلوا أحاديث تخرج الأمة من الحرج. قالوا: أي بأس علينا، وأي خلل في ديننا إذا رجحنا قولاً في مسألة. رواه البخاري مثلاً على قول رواه أبو حنيفة في تلك المسألة، فخرجنا برواية البخاري من الحرج الذي أخذنا به أبو حنيفة، ولم نخرج بذلك عن شرع الشارع، ولا عن إجماع الأمة. ونكون قطعنا عذرا من يعتذر من الحرج؟ فهذا مذهبنا. وهذا ما ندين الله به وما أساء ظنكم بنا إلا عدم التفاهم".
أقول: إن هذا الجاهل الأحمق معجب بنفسه، متماد في غيه. فهو يهذي بما لا يدري. فقد افترى على من يقولون بجواز الاجتهاد، كما يعبر عنهم. فإنهم لم يقولوا في حق الأئمة الأربعة إ، هم أخذوا الأمة بالشدة والحرج ... إلى آخر ما قال. فإن هذه التهمة لا يسندها إلى الأئمة الأربعة إلا عدو للإسلام ولأئمته رضي الله عنهم. فقد جني هذا الملحد على الأئمة الأربعة، ورماهم بما يبرأون منه وممن قاله في حقهم. بل هم فيما يختلفون فيه من فروع الشريعة، وما يستنبطونه من أحكامها يوسعون على الأمة لا يضيقون عليها. عليها. وهم مع ذلك يأمرون بإتباع الكتاب والسنة وينهون عن تقليدهم وتقليد غيرهم كما تقدم ذكره في ردنا هذا.
وإن هذا الملحد ليدل قوله على أنه من المتلاعبين، الذين اتخذوا الهوى لهم إلها، والشيطان لهم ولياً. فهو يظن أن الناس مثله، يتتبعون من الدين ما وافق هواهم، ويتلاعبون به كما يتلاعب. ونبرأ إلى الله منه ومن قوله وندين من