منه –كما قال الحافظ ابن حجر- ابتداء تدوين الحديث النبوي. وقال الهروي رحمه الله في ذم الكلام: ولم تكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الأحاديث إنما كانوا يؤدونها حفظاً، ويأخذونها لفظاً، إلا كتب الصدقات، والشيء اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء، حتى خيف عليه الدروس، وأسرع في العلماء الموت: أمر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أبا بكر بن محمد فيما كتب إليه"أن انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه" وفي "هدى الساري مقدمة فتح الباري" أول من جمع ذلك الربيع بن صبيح، وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما. وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن انتهى إلى كبار الطبقة الثالثة، وزمن جماعة من الأئمة، مثل عبد الملك بن جريج، ومالك بن أنس وغيرهما. فدونوا الحديث حتى قيل: إن أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج. وقيل: موطأ مالك. وقيل: أول من صنف وبوب:
الربيع بن صبيح بالبصرة، وقال القسطلاني: صنف مالك الموطأ بالمدينة، وعبد الملك بن جريج بمكة، وعبد الرحمن الأوزاعي بالشام، وسفيان الثوري بالكوفة وحماد بن سلمة بن دينار بالبصرة. ثم تلاهم كثير من الأئمة في التصنيف، كل على حسب ما سنح له وانتهى إليه علمه. انتهى.