فضلوا وأضلوا كثيراً، والذي نفس عمر بيده، ما قبض الله نبيه، ولا رفع الوحي عنهم حتى أغناهم عن الرأي. ولو كان الدين يؤخذ بالرأي لكان أسفل الخف أحق بالمسح من أعلاه، فإياك وإياهم، ثم إياك وإياهم" وبسنده عن نافع ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة" وبسنده عن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال بالرأي فقد اتهمني بالنبوة" زاد إسحاق وقال الحارث: تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر، الآية:٧] . انتهى.
ولله در أبي بكر بن حميد القرطبي رحمه الله تعالى حيث يقول:
نور الحديث مبين فادن واقتبس ... واحد الركاب له نحو الرضى الندس
واطلبه بالصين، فهو العلم إن رفعت ... أعلامه برباها يابن أندلس
فلا تضع في سوى تقييد شاردة ... عمراً يفوتك بين اللحظ والنفس
وخل سمعك عن بلوى أخي جدل ... شغل اللبيب بها ضرب من الهوس
ما إن سمت بأبي بكر ولا عمر ... ولا أتت عن أبي هر ولا أنس
إلا هوى وخصومات ملفقة ... ليست برطب إذا عدت ولا يبس
فلا يغرنك من أربابها هذر ... أجدى وجدك منها نغمة الجرس
أعرهم أذنا صماً إذا نطقوا ... وكن إذا سألوا تعزى إلى خرس
ما العلم إلا كتاب الله أو أثر ... يجلو بنور هداه كل ملتبس
نور لملتبس خير لمقتبس ... حمى لمحترس نعمى لمبتئس
فاعكف ببابهما ... على طلابهما ... تمحو العمى بهما عن كل ملتمس
ورد بقلبك عذباً من حياضهما ... تغسل بماء الهدى ما فيه من دنس
واقف النبي وأتباع النبي، وكن ... من هديهم أبداً تدنو إلى قبس
والزم مجالسهم واحفظ مجالسهم ... واندب مدارسهم بالأربع الدرس
واسلك طريقهم، واتبع فريقهم ... تكن رفيقهم في حضرة القدس
تلك السعادة إن تلمم بساحتها ... فحط رحلك قد عوفيت من تعس