وافترض الله علينا طاعته وتعظيمه وتوقيره، وسد إليه جميع الطرق، فلم يفتح لأحد إلا من طريقه من علم الله به من الجهالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً سيد الأولين والآخرين، من جاءنا بها بيضاء نقية، القائل:"تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" وروى الإمام مالك رحمه الله تعالى في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:"تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله" وقال صلى الله عليه وسلم
في خطبته في حجة الوداع:"وقد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله تعالى" وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال رجل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فأوصنا. فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يظهر الكذب – الحديث بطوله" رواه النسائي وإسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح إلا إبراهيم الخثعمي فإنه لم يخرج له الشيخان وهو ثقة ثبت، ذكره الجزري. كذا في المرقاة واللمعات. قاله في الدين الخالص.
فليس لنا سلف سوى المصطفى صلى الله عليه وسلم وما جاءنا به من كتاب ربه وسنته المطهرة، وما أرشدنا إليه من سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وأصحابه خيار هذه الأمة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، نغرف لهم فضلهم وأمانتهم ونشهد بصدقهم وإمامتهم، لإرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره لنا باتباعهم واقتفاء أثرهم. فنحن مع نصوص الكتاب والسنة دائرون ولمن قال بها متبعون. لا تأخذنا فيهما لومة لائم ولا يثنينا عنها إرجاف منحرف في ضلالته هائم، فإن