كما رمى الوهابيين وإخوانهم بإغواهئم على أن التوسل بجاه الرسول عليه الصلاة والسلام وزيارة قبره الشريف: شرك بالله ومناف للتوحيد، وأغواهم بما جاء في القرآن العظيم بحق المشركين. فذهب بإيمانهم تحت ستار العبادة، وغرس في قلوبهم بغض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاداته بتعليل الطاعة، ففسروا الزيارة بمعاني عبادة الأوثان، وشبهوا التوسل بما يفعله مشركو العرب وغيرهم فانظر ما أشقاهم وأحمقهم وأبعدهم عن الحق".
فنقول: إن دعوى المعترض على الوهابيين وإخوانهم بأنهم يقولون: إن التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره الشريف: شرك بالله ومناف للتوحيد، كذب وافتراء من المعترض، بل إن الوهابيين وإخوانهم يقولون: إن التوسل بجاه المخلوقين كافة لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أصحابه، ولا التابعون من بعدهم، ولا قال به الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى. وإذا كان ذلك كذلك فهو خلاف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم. وكذلك التابعون من بعدهم فيكون ذلك مردوداً على من جاء به بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية: "من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد" هذا ولو لم يكن في هذا الحدّث إلا مخالفة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ومخالفة عمله وعمل أصحابه رضي الله عنهم والتابعين من بعدهم، لكفى في رده. فضلاً عن أنه من أعظم وسائل الشرك في عبادة الله تعالى، كما هو معروف اليوم من أعمال الجهلة الغلاة بالقبور والمقبورين.
وأما زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها عند الوهابيين من أفضل الأعمال، وكذا زيارة المسلمين فإنها سنّة، وذلك على ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته فيما علمه لأصحابه. وأما شد الرحال لزيارة القبور كافة: ففيها خلاف بين العلماء وحجة المانعين لشد الرحال إليها أقوى.