حوائجهم بكل قول وعمل. وربما خاب أملهم بما يرجون فماذا علينا إذا توسلنا بجاه من فضله الله على كل خلقه في طلب نعيم دائم ورضا كريم. لا يمن ولا ينفع أو بقضاء حاجة دنيوية؟ فالمؤمن لا يعتقد لمخلوق فعلاً أو تأثيراً. وقد بسط العلماء الجواب عما يفعله العوام مما يظن أن فيه شبهة شرك، وما هي فيه. ونحن وإياهم ما نقصد بذلك إلا إتباع أمر الله تعالى باتخاذ الوسائل، وابتغاء الأسباب التي منها السعي والكسب والدعاء، واتخاذ الوسائط، والتوسل بجاه أحبابه. وكل هذا صريح في القرآن العظيم والسنّة. لكن إذا سبق الشقاء عميت الأبصار وضلت البصائر".
أقول: إن المعترض يعني بالتأويل الباطل: تطبيق الآيات القرآنية على جميع الأمة المحمدية، حتى تقول الساعة، فمن اتصف بصفات أهل الخير وعمل عملهم فهو منهم ومن اتصف بصفات أهل الشرك والكفر وعمل عملهم فهو منهم. لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة. حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ".
يقول المعترض: إننا نتأوَّل آيات نزلت بحق المشركين وقد مضوا. فمن تسمّى بالإسلام ولو عمل عملهم فأنه لا يضره ذلك، ولا يسمى مشركاً. وهذا قول من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، وفساد هذا القول معلوم بنصوص الكتاب والسنّة التي لا تقبل تأويلاً. ولا يجهلها إلا معاند أو معرض عن معرفة ما فرضه الله تعالى عليه من واجبات دينه.
وأما قول المعترض: "إنهم بهذا التأويل يكونون أشد الناس شركاً لأنهم يزورون الأمراء والحكام ... إلى آخره".
فإنه قول غبي أحمق، وهو أن دعاء الأحياء فيما بينهم ومخاطبة بعضهم بعضاً في قضاء حوائجهم، وسؤال الضعيف من القوي فيما هو تحت قدرته: